حالة الطقس      أسواق عالمية

Summarize this content to 2000 words in 6 paragraphs in Arabic
عندما تستشيط الأعصاب ويعْمي الغضب البصيرة تُنتهك الحصانات وتُجتاز الحدود وتُخترق كل الخطوط الحمراء، ووقتها يمكن رؤية لاعب مثل البرازيلي مارسيلو كارني، حارس مرمى فريق الجبلين الأول لكرة القدم، يتعدّى على الحكم ممدوح آل شهدان، فقط لاحتسابه هدفًا، وإن كان شرعيًا، لمصلحة المنافس «العدالة»، في دوري «يلو».وفي كرة القدم، والرياضة عمومًا، اُصطلح على تسمية الحكام «قضاة الملاعب»، في تعبير مجازي يُترجم طبيعة عملهم، ويحيل إلى مسؤوليات مهنتهم، التي تقتضي منهم ضبط العدالة، وتوزيع الحقوق، وتوقيع العقوبات والجزاءات.وطالما اتخذ القاضي قرارًا، فليس شرطًا اقتناع الجميع به، فالمعيار هو تطبيق القانون وفرض العدالة. وواقعة يلو ليست الأولى من نوعها، فقد سبقتها حالات مشابهة كثيرة. والآن تعود إلى الواجهة حالة شهيرة، شهدتها سويسرا قبل نحو 36 عامًا.والمجني عليه آنذاك كان الحكم السويسري برونو كلوتزلي، الذي تعرَّض لاعتداءات، فور إطلاقه صافرة نهاية مباراة كرة قدم بين فريقي ويتينجن وسيون، ضمن منافسات بطولة دوري بلاده، في 7 أكتوبر 1989.واندلعت شرارة الأحداث قبل تلك الصافرة بقليل، عندما سجَّل البوسني ميرساد بالييتش، ظهير أيسر سيون، هدف التقدم لفريقه «1ـ0» في الدقيقة 88، مودِعًا الكرة شباك منافسه الذي كان يعيش وضعًا متأزمًا على صعيد جدول الترتيب.وبعد الهدف، لجأ لاعبو سيون إلى إضاعة الوقت، رغبة في الخروج بهذه النتيجة، دون مخاطرة فتح الملعب خلال الدقائق الأخيرة. وقبل نهاية آخر الدقائق الثلاث المضافة وقتًا بدل ضائع، احتسبت للفريق ركلة حرة على بُعد أمتار قليلة من منطقة جزائه، ووقف جين باول بريجر، لاعب الوسط، لتنفيذها، وبدلًا من تسديدها مباشرة، تعمّد إهدار المزيد من الثواني أولًا، ثمّ ركل الكرة دون انتباه كافٍ، فاصطدمت بظهر سلفاتوري رومانو، مهاجم الخصم، وارتدّت عند قدمي مارتن رويدا، زميل الأخير، الذي تسلمها وراوغ حارس سيون، وصوّب في المرمى المشرّع أمامه.في تلك اللحظة، كانت عينا الحكم مثبتتين على شاشة ساعته لمراقبة ركض أرقامها تنازليًا تلقاء نقطة الصفر الوشيكة، ففات عليه متابعة الكرة وهي تدخل المرمى، وأطلق صافرته الختامية مباشرةً، معلنًا انتهاء المباراة بفوز سيون 1ـ0.وبمجرَّد سماع دويّ الصافرة، ثارت ثائرة لاعبي ويتينجن، وحاصروا كلوتزلي الذي بدا مذعورًا حيال ذلك الهجوم المباغت، وشدَّد 4 منهم الخناق عليه والشرر يتطاير من وجوههم، فألهمته الغريزة أن يفرّ راكضًا، فلاحقوه، وأشبعوه ضربًا، حتى بلغ النفق المؤدي إلى غرف تبديل الملابس، وهناك شقّ طريقه إلى كابينة الحكّام هربًا من الاعتداء.وما كادت تسكن نفسه، حتى بدأ في تدوين تقريره عمَّا حدث، وكتب: «هاجمني اللاعب رقم 12 «مارتن فراي»، وركلني واثبًا بكلتا قدميه، ووجّه إليّ رقم 3 «أليكس جيرمان» لكمة في الكتف، وأخرى في المعدة، بينما قفز رقم 9 «ريتو باومجارتنر» نحو ظهري، وضربه بكلتا ركبتيه، كما ركلني رقم 6 «روجر كونديرت» من الخلف».ولوسائل الإعلام قال: «كنت خائفًا للغاية، لو تعثّرت، لكنت انتهيت بالتأكيد في المستشفى. لم أرتكب أي أخطاء تقنية، لكن يجب عليّ الاعتراف بأن لحظة إطلاقي صافرة النهاية لم تكن مدروسة جيدًا من الناحية النفسية».وعند مساءلة اللاعبين الأربعة، أنكروا في البداية اعتداءاتهم، لكن بعد مشاهدتهم مقاطع الفيديو التي وثقت ما بدر منهم، أبدوا تراجعًا في مواقفهم، وأظهروا مزيدًا من التبصُّر. وقال كونديرت، رابع المعتدين، معترفًا بذنبه: «المشاهد التي وقعت لا يُمكن تبريرها» كذلك أقرّ باومجارتنر أنه، والحكم، أخطآ سويًا.واستنادًا إلى الفيديو، وتقرير الحكم، أدان الاتحاد السويسري اللاعبين الأربعة، وعاقبهم بحظر رياضي، وغرامات مالية مغلّطة، وشدّدت المحكمة الرياضية العقوبات. وبلغ حظر فراي 6 أشهر وزاد إلى ثمانية، فيما ارتفع إيقاف باومجارتنر من 7 إلى 9 أشهر، وأُبعد كونديرت 4 أشهر، وغُرم كل منهم 10 آلاف فرنك. أمَّا زميلهم جيرمان، الذي كان على وشك الانتقال إلى بوروسيا دورتموند الألماني، فكان الأكثر تضررًا، بإيقافه لمدة عام كامل، وتغريمه 20 ألفًا.وبعد 7 أسابيع فقط من المباراة، أصيب كونديرت بتمزُّق في الرباط الصليبي لركبته اليمنى أثناء إحدى الحصص التدريبية، وعلى إثر ذلك قرَّر اعتزال كرة القدم. بدوره نفّس فراي عن غضبه في رسالة حادة وجّهها إلى رؤساء الرابطة وأنهى مسيرته فورًا هو الآخر. من جهته قضى جيرمان عام إيقافه، وعاد للعب مع الفريق، لكن صفقة انتقاله إلى دورتموند انهارت. كذلك عاد باومجارتنر من الإيقاف إلى الملاعب، وبعد نهاية عقده مع ويتينجن انضمّ إلى بازل، وظل في صفوفه حتى علق حذاءيه بعد 4 أعوام، ولاحقًا نال عضوية النادي ثم انتخب رئيسًا له في نوفمبر 2020.أمّا الحكم كلوتزلي، فبعدما كان مرشحًا لنيل الشارة الدولية، دُمرت مسيرته عقب الحادثة، وأدمن القمار، وغرق في الديون، ولم يُكلَّف بقيادة أي مباراة أخرى. وبعد 9 أعوام أدين بالاختلاس من البنك الذي يزاول فيه وظيفته الأساسية، وُحكم عليه بالسجن المشروط لـ 18 شهرًا.

شاركها.
© 2025 جلوب تايم لاين. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version