في القرن الـ19 وأوائل القرن الـ20، خلال «اللعبة الكبرى» بين الإمبراطورية الروسية والإمبراطورية البريطانية، كانت آسيا الوسطى منقسمة إلى مجالات نفوذ. وكانت دول «الستانات الخمس» الحديثة (كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان) تحت سيطرة إمبراطورية سانت بطرسبرغ. وكانت إمارة أفغانستان محايدة بينما كانت باكستان وقتها سلسلة من الأقاليم في الهند البريطانية. وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي، حصلت هذه الدول الخمس في آسيا الوسطى على الاستقلال منذ أكثر من 30 عاماً.
تغيرت الجغرافيا السياسية والاقتصادية في المنطقة منذ ذلك الحين، حيث نضجت الدول الخمس على الصعيدين الداخلي والإقليمي. تعمل هذه الدول سوياً لإطلاق إمكانيات المنطقة كمركز رئيسي للموارد والبنية التحتية لأمن الطاقة والتجارة العالمية. ترتبط المنطقة بروابط تاريخية وثيقة بروسيا وتقع على طول مبادرة الصين الخاصة بالحزام والطريق، ما يوفر فرصًا كبيرة للشركات الأميركية والأوروبية للوصول إلى المعادن الثمينة اللازمة لتحول الطاقة.
شهدت المنطقة تغييرًا شاملًا في علاقاتها من خلال تجمعات متكررة لرؤساء الدول وزيارات لوزراء الخارجية، مع توقيع عدد كبير من الاتفاقيات والتنافس من أجل الوصول إلى الإمكانيات الجيوسياسية والاقتصادية الجديدة. ولكن الانسحاب الفوضوي من أفغانستان وحرب أوكرانيا في فبراير 2022 ، أدت إلى تغيير فعلي في السياسة الخارجية في العواصم الغربية.
زيارة وزير الخارجية البريطاني للمنطقة في الشهر الماضي، جعلته أول وزير خارجية بريطاني يزور قيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان على الإطلاق، وهو اعتراف من لندن بأهمية المنطقة وتغييراتها التي جعلتها مهمة لأمن أوروبا ورخاءها. وبالتزامن مع هذه الزيارة، استقبلت الحكومة الإيطالية رئيس طاجيكستان في روما. وتهدف هذه الزيارات إلى تعزيز النفوذ البريطاني وتقديم الدعم للتجارة والأمن والخبرة البريطانية.
التعاون الاقتصادي بين الدول في المنطقة يتضمن تحسين البنية التحتية الهيدرولوجية وتطوير المشاريع الكهرومائية، وتوفير التعليم باللغة الإنجليزية والمنح الدراسية لطلاب المنطقة، بالإضافة إلى استثمارات غربية لاستخراج المعادن الثمينة بشكل مستدام. يتيح هذا التعاون افتتاح المجال لمستويات غير مسبوقة من الاستثمار الدولي وتعزيز الاستقرار والازدهار في المنطقة.
لتعزيز العلاقات وتحقيق الاستقرار على المدى الطويل، يجب على العالم الديمقراطي التعاون مع الدول في المنطقة لتطوير مجموعة اقتصادية وسياسية إقليمية. ويجب أن تشمل هذه المجموعة على المدى الطويل الدول الأخيرة، أفغانستان وباكستان، لتعزيز الأمن والازدهار المتبادل. ويجب على صناع السياسات في العواصم الغربية تعزيز علاقاتهم مع هذه الدول من خلال تأسيس مجموعة إقليمية تعزز التعاون والتنمية المستدامة بين الدول.