من الواضح أن الوجود الإسلامي في أوروبا يعد واحدًا من القضايا الهامة التي تشغل قادة الرأي وصناع القرار الأوروبيين، حيث يتناول العديد من الكتب والدراسات هذا الموضوع بشكل متزايد. وفي كتابها “الإسلام والعلمانية”، تؤكد الأستاذة نيلوفر غول أن مستقبل أوروبا وديمقراطيتها يعتمد على قدرتها على التغلب على التحديات المرتبطة بالهوية والمهاجرين المسلمين. وتنطلق هذه المخاوف من الوجود المتنامي للإسلام في أوروبا والخوف والهلع الرسمي والشعبي منه.
وقد أدت هذه المخاوف إلى اتخاذ العديد من الإجراءات التي تحظر الحجاب والأذان وتقييد حرية المسلمين الدينية، على الرغم من المعايير العالية لحرية الدين في أوروبا. وقد تجاوزت الكراهية والتضييق على المسلمين إلى حظر النشاطات المتعاطفة مع قضايا المسلمين، مما أدى إلى عدم القدرة على التعبير عن الرأي في القضايا الإنسانية المهمة.
ووفقًا للتقديرات الاستشرافية، من المتوقع أن يشكل المسلمون نسبة كبيرة من سكان الاتحاد الأوروبي بحلول منتصف القرن، مما يشير إلى زيادة وتسارع في الوجود الإسلامي في القارة. وتظهر بعض المؤشرات على تزايد هذا الوجود، مثل نمو عدد المساجد واستبدال الكنائس بها.
وتعد الحكومات الأوروبية عاجزة عن الوقوف في وجه الكراهية والتضييق المتزايد على المسلمين في القارة، ويزداد تأثير التيار اليمني المتطرف في السياسة الأوروبية. كما يواجه المسلمون في أوروبا تحديات متنوعة بسبب الاعتقادات المتطرفة مثل نظرية الاستبدال العظيم، التي تعكس شعورًا بالتهديد والمؤامرة ضد الثقافة الأوروبية التقليدية.
بشكل عام، يبدو أن أوروبا مدفوعة بين المخاوف من زيادة الوجود الإسلامي وبين الحاجة إلى الاستقبال لمهاجرين البحث عن حياة أفضل. ويبدو أن تحديات التكامل الاجتماعي والسياسي ستستمر في ظل تنامي الوجود الإسلامي، مما يعكس حقيقة معقدة تستدعي حوارًا مستمرًا للتعامل مع هذه القضايا بشكل مستدام في المستقبل.