وقد أثّر الإسلام والتصوف في جنوب أفريقيا من خلال رحلة الأمير عبادين يوسف الذي نشر الإسلام بين “العبيد” والأفارقة في المنطقة. بعد تعرضه للاضطهاد والسجن، نجح في تأسيس مجتمع إسلامي قوي وتأسيس أول جماعة مريدين من “الطريقة الخلوتية” في أفريقيا جنوب الصحراء. كان لتعاليم الإسلام نفسه ومساواته بين البشر دورا كبيرا في جذب “العبيد” إلى الإسلام لمواجهة الاستعمار الهولندي والدعوة لحريتهم.
وكان الشيخ عبادين يوسف يمتلك شعبية كبيرة بين الناس بفضل قدراته في العلاج بالأعشاب والرقية الشرعية. قضى سنوات تحت الإقامة الجبرية في ضاحية زاندفليت حيث تمكن من تأسيس مجتمع إسلامي قوي. وأثّر تأسيسه لـ”الخلوتية” ومزاره الذي يزوره آلاف الزوار سنويا في تعزيز الإسلام في المنطقة.
أثّرت المدرسة الإسلامية التي بناها الشيخ عبد الله قاضي وتعليم اللغة العربية والأفريكانية في رفع مستوى “العبيد” والأفارقة الأحرار، وزادت من مهاراتهم وثقافتهم. كما ساهمت في تنوير المجتمع بشأن الإسلام وتصحيح بعض الخرافات المتعلقة به. وبعد ظهور الحركة الإسلامية في جنوب أفريقيا، تأسست حركات مدنية تضمنت مسلمين ومسيحيين من مختلف الأعراق.
بالإضافة إلى ذلك، أسس الأمير عبد الله قاضي مدرسة إسلامية أخرى بعد أن قضى سنوات طويلة في السجن. وقد نجح في تأسيس جيل جديد من الدعاة والنخب المسلمة الذين لعبوا دورا مهما في المجتمع وفي النضال ضد نظام الفصل العنصري. تأثير الأمير عبد الله قاضي والشيخ يوسف المكسري على تقوية المجتمع الإسلامي في جنوب أفريقيا كان كبيرا وملحوظا.
وتواصل الإسلام والتصوف تأثيرهما في جنوب أفريقيا عبر القرون، حيث أصبحت الحركة الإسلامية تأخذ دورا هاما في المجتمع وتسهم في التنمية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية. بفضل جهود العديد من الدعاة والزهاد والعلماء، تم تعزيز التعليم الإسلامي وتصويب بعض الاعتقادات الخاطئة حول الدين. ولقد ساهمت المدارس الإسلامية والمساجد في تجسيد مفاهيم العدالة والمساواة في المجتمع بشكل عام.
وبمرور الزمن، تحولت جنوب أفريقيا إلى مركز هام للإسلام في القارة الإفريقية، بفضل تأثير الدعاة والعلماء الذين نشروا تعاليم الدين وتعاليم التصوف بين الناس. ومن بين هؤلاء الشخصيات البارزة التي ساهمت في تعزيز الإسلام في المنطقة، الأمير عبادين يوسف والشيخ عبد الله قاضي، اللذان عمل كل منهما على تعزيز القيم الإسلامية في المجتمع وتحقيق التماسك بين أفراده.
