وتتجلى أهمية قضية تسليح الفضاء الخارجي في المواجهة الإستراتيجية بين الولايات المتحدة وروسيا، حيث تأتي هذه المعركة في سياق تصاعد التوترات بين البلدين. وقد عاد هذا الملف إلى الواجهة بعدما استخدمت روسيا حق النقض ضد مشروع قرار قدمته الولايات المتحدة لإعادة التصديق على معاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967. وفي هذا السياق، تتهم الولايات المتحدة روسيا بتطوير قنبلة نووية فضائية، بينما تريد روسيا طرح مشروع قرار بديل لمنع الأسلحة التقليدية وغير التقليدية في الفضاء.
يسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى استعادة مكانة روسيا كقطب منافس للولايات المتحدة في النظام الدولي، ويأتي تمنع روسيا من تجديد التصديق على معاهدة الفضاء الخارجي في سياق المواجهة الإستراتيجية بين الطرفين. وتأتي هذه المعارك في سياق تاريخي من الصراع بين القوتين العظميين في مجال الفضاء منذ ستينيات القرن الماضي، وقد ساهم سباق الفضاء في تطوير تكنولوجيا الكمبيوتر والتكنولوجيا العسكرية.
تحدد وثيقة الأمن القومي الأمريكي لعام 2022 ثلاثة أهداف لإستراتيجيتها بشأن الفضاء الخارجي، وتساهم هذه الأهداف في حماية مصالح الولايات المتحدة في الفضاء وتجنب سباقات التسلح، بالإضافة إلى إدارة بيئة الفضاء بشكل مسؤول. وتشمل هذه الوثيقة استثمارات في نظام لتنسيق حركة المرور في الفضاء وإنشاء قواعد فضاء مستقبلية.
من جانبها، تشير وثيقة الأمن القومي الروسي إلى التحديات التي تواجه البلاد في الفضاء الخارجي، وتشجع على تعزيز مكانة روسيا كقوة رائدة في مجال الفضاء. وتعتبر روسيا استكشاف الفضاء الخارجي مجالاً جديداً للعمليات العسكرية، وتؤكد على ضرورة تعزيز الردع النووي لمواجهة التحديات الإستراتيجية الحالية.
وتتوجه الوثيقة الروسية أيضاً إلى القلق من استخدام القوة العسكرية بشكل غير شرعي، وتستعرض تداعيات تزايد النزاعات المسلحة على الأمن الدولي. وفي هذا السياق، تظهر مقاربة غير عدوانية من روسيا تجاه الفضاء الخارجي، وتسعى إلى تعزيز تعاون دولي لمنع حدوث سباق تسلح في هذا المجال.
بالاعتماد على هذه الوثائق الاستراتيجية، يظهر أن الفضاء الخارجي يشكل جزءاً حيوياً من المواجهة الإستراتيجية بين الولايات المتحدة وروسيا، ويظهر أن هناك اهتماماً كبيراً بتعزيز الردع النووي وتجنب سباقات التسلح الخطيرة. ومع توترات العلاقات الدولية المتزايدة، يبدو أن ملف تسلح الفضاء سيظل محوراً رئيسياً في السياسات الأمنية والدبلوماسية للبلدين في المستقبل القريب.
