قبل بضعة أشهر من محاكمته الجنائية، واجه الرئيس السابق دونالد ترامب انتقادات حادة بعد أن وجه مناشدة إلى الناخبين السود في كارولينا الجنوبية بشكل يعتبر محرضًا وربما عنصريًا. كانت هذه الخطوة جزءًا من جهود محسوبة بغاية تقليص مكانة الرئيس جو بايدن بين الناخبين السود، الذين كانوا من الكتل الأكثر ثقة في الحزب الديمقراطي عبر التاريخ. وفقًا لثلاثة موظفين من حملة ترامب الانتخابية، تضمنت استراتيجية الرئيس السابق جذب الناخبين السود خلال محاكمته وبعدها من خلال استغلال القضايا القانونية والعرقية في نيويورك.
ومن جانبهم، يخطط مستشارو ترامب لاستخدام مشكلاته القضائية والعرقية بشكل أكثر وضوحًا من أجل كسب دعم الناخبين السود، عبر تصوير ترامب – الرجل الأبيض الغني ذو الخطاب الهجومي – كمن يعاني من المظالم نفسها التي يعانيها الأميركيون السود. من المقرر أن يقدموا عروضًا مستهدفة للناخبين الملونين في المناطق التي تجتمع فيها تلك الشرائح خلال حملاتهم الانتخابية، كما سيحاولون تحويل أزمة المهاجرين في مدينة نيويورك إلى قضية تجذب دعم الناخبين السود.
لقد استطاع ترامب تناول قضايا العرق والمظالم الثقافية بشكل فعال خلال فترة رئاسته، حيث قام بإثارة جدل من خلال تصريحاته المثيرة للجدل، بدءًا من وصف المهاجرين المكسيكيين بـ”المغتصبين” والمجرمين إلى تبرير الأعمال العنيفة التي اندلعت في تشارلوتسفيل بفرجينيا عام 2017. وعلى الرغم من انتقاداته، نجح ترامب في جذب انتباه الناخبين الأقل تعليمًا، وقاعدة داعمة له في المواضيع العرقية.
قد يكون ترامب أحد القادة القلائل الذين نجحوا في تفجير الأوضاع العنصرية والسياسية في الولايات المتحدة بشكل فعال، فقد تضاعفت المظاهرات والانقسامات العرقية خلال فترة حكمه. بداية من تصريحات الكراهية والتحريض التي أثارها، وصولاً إلى الاعترافات العلنية بالدعم لجماعات متطرفة. ويبدو أن مستشاريه لا يزالون مصرون على استخدام تلك الاستراتيجيات في محاولة لجذب دعم الناخبين السود قبيل الانتخابات المقبلة.
في نهاية المطاف، يبرز ترامب كشخصية سياسية استثنائية تتمتع بموهبة فريدة في استغلال القضايا العرقية والمظالم لصالحه في الساحة السياسية الأميركية. يعتمد في توجيه حملاته الانتخابية على تحريض الناخبين وتوجيه خطابه إلى القضايا المثيرة للجدل، الأمر الذي يزيد من تقسيم المجتمع وزيادة التوترات العرقية. وبالتالي، يظل ترامب شخصية مثيرة للجدل لا تزال تحظى بدعم جزء كبير من الناخبين الأميركيين، خصوصًا بين الفئات ذات التعليم المحدود والقاعدة الداعمة له في القضايا العرقية.