Summarize this content to 2000 words in 6 paragraphs in Arabic
شهدت الأيام الأخيرة تراشقاً كلامياً حاداً بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، فبعد 3 أعوام من الدعم الأميركي المفتوح لأوكرانيا، يبدو أن وقت سداد الدين قد حان، بحسب ترمب، الذي يزعم أن تكلفة الحرب وصلت إلى 350 مليار دولار، رغم الأرقام التي تدل على أن الرقم لم يتخطَّ 180 ملياراً. لكن الوقائع لم تمنع يوماً الرئيس الأميركي من الإصرار على مواقفه، فهو الذي وعد بإنهاء الحرب المستمرة منذ 3 أعوام، وها هو اليوم يسعى جاهداً لتنفيذ وعوده مهما كان الثمن، متوعداً زيلينسكي من جهة، ومتودداً لبوتين من جهة أخرى.
يستعرض تقرير واشنطن وهو ثمرة تعاون بين «الشرق الأوسط» و«الشرق» العلاقة المتوترة بين ترمب وزيلينسكي والخطة الأميركية لإنهاء الحرب، بالإضافة إلى مستقبل العلاقة الأميركية مع حلف شمال الأطلسي (الناتو).
زيلينسكي «ديكتاتور»
ترمب وزيلينسكي خلال اجتماع في نيويورك في 27 سبتمبر 2024 (أ.ب)
أثار ترمب دهشة كثيرين، عندما وصف نظيره الأوكراني بالديكتاتور، ليعود ويتراجع عن موقفه في تصريح قال فيه للصحافيين: «لا أصدق أني وصفته بالديكتاتور…». وتقول أنا بورشفسكايا، كبيرة الباحثين المختصة بالشأن الروسي في معهد واشنطن للشرق الأدنى، والمستشارة السابقة في الخارجية الأميركية، إن تصريح ترمب كان صادماً، رافضة توصيف زيلينسكي بالديكتاتور، وأضافت: «الحقيقة هي أن أوكرانيا كانت ضحية للعدوان غير المبرر من روسيا. الأمر بسيط جداً وواضح جداً. هناك معتدٍ، روسيا، وهناك ضحية وهي أوكرانيا، وزيلينسكي بذل قصارى جهده للدفاع عن بلاده».
ويعرب نايل ستاناج، كاتب الرأي في صحيفة «ذي هيل» عن مفاجأته من تصريحات ترمب، مشيراً إلى أن زيلينسكي تم انتخابه في 2019، وحصل على 75 في المائة من الأصوات في جولة الإعادة، في انتخابات ديمقراطية. لكنه أضاف: «مع ذلك، فالرئيس ترمب غالباً ما يدلي بتصريحات غير صحيحة، وهذا ما خفّف من دهشتي إلى حد ما».
لكن ريبيكا كوفلر، المسؤولة السابقة عن الملف الروسي في وكالة الاستخبارات الدفاعية توافق ترمب الرأي، معتبرة أنه «القائد الجريء الوحيد الذي يستطيع إخبار الشعب الأميركي والعالم الحقيقة». وتشير كوفلر إلى أن زيلينسكي ديكتاتور، لأنه حظر جميع الأحزاب السياسية المعارضة، وهو رئيس غير شرعي، لأن ولايته انتهت في مايو (أيار)، وبسبب الأحكام العرفية لم يُجرِ انتخابات، على حد تعبيرها. وتضيف: «الرئيس ترمب يريد إنهاء ذلك، ويريد فضح زيلينسكي الذي احتال على الولايات المتحدة بمبلغ 300 مليار دولار، وهذا المبلغ يريد الرئيس ترمب الآن استعادته وإعادته إلى الشعب الأميركي».
وتعارض بورشفسكايا هذه المقاربة، محذرة من خسارة أوكرانيا هذه الحرب بسبب تداعيات بعيدة المدى على الأمن الأوروبي والعالمي، بحسب وصفها. لكنها توجه في الوقت نفسه اللوم لإدارة بايدن، التي «كان بإمكانها أن تقوم بالمزيد لمساعدة أوكرانيا». وتشرح قائلة: «في الحقيقة، لقد قام بايدن بما يكفي لكي يضمن عدم خسارة أوكرانيا. لكن هذا يختلف عن الحرص على أن تفوز أوكرانيا. إن أوكرانيا تخوض حرب استنزاف. وفي تلك الحرب، الوقت يميل لصالح الطرف الذي يمتلك موارد أكثر، وهذا الطرف هو روسيا. وكلما طال الوقت، زاد ذلك من وضع الطرف الآخر، وهو أوكرانيا، في موقف ضعيف».
استراتيجية ترمب
ترمب يتحدث في مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء البريطاني بالبيت الأبيض في 27 فبراير 2025 (أ.ف.ب)
وفي خضم هذا النقاش، تتزايد التساؤلات حول استراتيجية الرئيس الأميركي لإنهاء الحرب. ويعدّ ستاناج أنه من الواضح أن ترمب لا يرغب في دعم أوكرانيا بنفس القدر الذي تم تقديمه حتى الآن، وأنه سيضغط على زيلينسكي لإبرام صفقة سلام، لكنه يعقب قائلاً: «خطر ذلك هو أنك تكافئ فلاديمير بوتين على غزو دولة سيادية مجاورة لبلاده».
وتحذّر بورشفسكايا هنا من التكلفة الباهظة لاستراتيجية من هذا النوع، مشيرة إلى أنها ستكون أكبر من المبالغ التي يتحدث عنها ترمب، والتي يقول إنها وصلت إلى 350 مليار دولار، فتقول: «إن التكلفة الحقيقية ستأتي في حال لم تنتصر أوكرانيا. إن سمح لروسيا بالفوز بهذه الحرب، إن التكلفة بالنسبة إلى باقي العالم ستكون مرتفعة أكثر مما عليه الآن، لأنه إن سمح لروسيا بالفوز في هذه الحرب، سيعطي ذلك شجاعة إلى الديكتاتوريين الآخرين في العالم. والرسالة هي أن العالم منقسم إلى قوى عظمى، يمكنهم أن يفعلوا ما يشاؤون من دون عقاب». وتعدّ بورشفسكايا أن هزيمة أوكرانيا تعني أن دولاً أخرى ستغزو دولاً مجاورة لها، وأن روسيا لن تتوقف في أوكرانيا. مضيفة: «هدف روسيا يتخطى أوكرانيا. ومن الأرجح أننا سنرى حرباً أكبر على الأراضي الأوروبية بعد سنوات من الآن».
تحذير لا توافق معه كوفلر، التي وصفت ترمب بالشخص الواقعي، الذي يفهم أن هذه الحرب «خاسرة»، على حد تعبيرها. وتقول: «في الواقع، أوكرانيا خسرت الحرب قبل أن تبدأ. كان انتصارها مستحيلاً، لأن روسيا من ناحية القدرة تمتلك ميزة دراماتيكية مقارنة بأوكرانيا. كما أن روسيا لديها 3 أضعاف سكان أوكرانيا التي تخوض حرب استنزاف». وتشير كوفلر إلى أن ترمب يريد وقف الحرب التي تخوضها أميركا بالوكالة مع روسيا، للحفاظ على قدرات أميركا القتالية لمواجهة الخطر الحقيقي، وهو الصين.
تكلفة الحرب و«لعبة الشطرنج»
ترمب وبوتين في اجتماع ثنائي على هامش مجموعة العشرين باليابان في 28 يونيو 2019 (رويترز)
وفي ظل الأرقام الضخمة للحرب الروسية الأوكرانية، يسلط ستاناج الضوء على مسألة تُحرِّك قرارات ترمب، وهي الرأي العام الأميركي. مشيراً إلى المبالغ الهائلة التي صرفت بعد 3 أعوام من الحرب من دون ضمان فوز أوكرانيا وهزيمة روسيا. ويضيف: «أعتقد أن تكلفة الحرب هو أمر يؤثر على الرأي العام، فالشعب الأميركي مرهق من حربي العراق وأفغانستان، ما أدّى إلى استنزاف الرغبة الشعبية للتدخل في الصراعات الخارجية، وساهم في تغيير الخطوط السياسية في البلاد، لأن الجمهوريين كانوا ضد روسيا منذ أيام الاتحاد السوفياتي، لكننا نرى اليوم مقاربة مختلفة تعتمد على الانعزالية و(أميركا أولاً)». وتتحدث كوفلر في هذا الإطار عن ضرورة إنهاء الحرب، تجنباً لأي تصعيد قد يصل إلى درجة حرب نووية مع روسيا، وتعارض فكرة الانعزالية التي ذكرها ستاناج، مشيرة إلى أن ترمب «مفكّر استراتيجي يلعب لعبة شطرنج متعددة الأبعاد مع بوتين»، فتقول: «هو لا يميل إلى الانعزالية، بل يحاول تثبيت هذا الصراع للمحافظة على القدرات القتالية لكل من الولايات المتحدة وحلفاء الناتو، ليصبح الحلف قوة رادعة، لأن بوتين لن يهاجم دولة من الحلف طالما أنهم يعززون مقدرتهم القتالية». وتشير كوفلر إلى أنه رغم أن ترمب يبدو وكأنه يسلم النصر لبوتين، فإن استراتيجيته مختلفة ومنطقية، على حد تعبيرها. وتفسرها قائلة: «إنها محاولة للفصل بين روسيا والصين، والفصل بين روسيا وإيران، وإعادة بناء العلاقة بين نتنياهو وبوتين، بالإضافة إلى الفصل بين دول البريكس، وتعزيز الدفاع الغربي الشمالي، حيث ستكون الولايات المتحدة مسؤولة عن الشق الغربي للكرة الأرضية، وسيكون الأوروبيون بعد أن يقوموا بتعزيز موقفهم مسؤولين عن شبه الجزيرة الأوروبية».
لكن بورشفسكايا ترفض مقاربة كوفلر، مستبعدة أن تكون لترمب استراتيجية واضحة، كما تستبعد أن يتمكن من الفصل بين روسيا والصين. مشيرة إلى أن لدى البلدين أهدافاً استراتيجية مشتركة تتغلب على كل الفروق التي تبعد بينهما. كما تذكّر بأن هدف الصين وروسيا وإيران هو تفكيك النظام الليبرالي العالمي الأميركي، كل بطريقته الخاصة. وتختم محذرة: «قلقي الأكبر هو أنه إذا انتهت هذه الحرب بطريقة أننا نبدو أننا نكافئ العدوان، فسيمنح هذا إيران ودولاً أخرى مزيداً من الشجاعة، وسيكون لدينا عالم أقل أمناً مع حروب أكثر».
واشنطن تقرّ صفقة ذخائر محتملة لإسرائيل بنحو 2.7 مليار دولار
مقالات ذات صلة
مال واعمال
مواضيع رائجة
النشرة البريدية
اشترك للحصول على اخر الأخبار لحظة بلحظة الى بريدك الإلكتروني.
© 2025 جلوب تايم لاين. جميع الحقوق محفوظة.