ستركز الدراسة على ظاهرة الأحواش التي تنتشر في مدينة القاهرة، المعروفة بالقرافة، وهي المدافن التي يعيش فيها الناس. تصوّر الفيلم الوثائقي “مدن الموتى” هذه الظاهرة، من خلال زيارته لمجتمع الهامش في مقابر الإمامين بالقاهرة. يرصد الفيلم حياة السكان الذين يعيشون بين القبور ويتابعون الحياة اليومية، محاولين إحياء المكان وتحويله إلى مجتمع طبيعي يضم متاجر ومقاهي وحياة اجتماعية.
يبدأ الفيلم بمشاهد تظهر الفضاء الخالي حول المدافن، تظهر الأشجار الجرداء والحيوانات القليلة. يسلط الضوء على العزلة والموت التي تسود القرافة، مما يجسّد بوضوح عمق الحياة بين الأموات. يتبع الفيلم حياة العديد من السكان، بينهم محمود سليمان وسيد إمام، الذين نشأوا وعاشوا بين القبور. يبحث الفيلم في الصراع بين الحياة والموت، وكيف يجد السكان الحماية والراحة بين القبور.
توضح الصور الواردة في الفيلم الوثائقي حياة السكان تحت التراب، حيث يعيشون ويعملون ويتزوجون بين القبور. تظهر المقابر المزيّنة بشكل جمالي، وتوحي بالتاريخ العريق للمكان وأهميته. الفيلم يسجل أيضا انخراط الأطفال في حياة هذا المجتمع الغريب، حيث يولدون وينمون ويتعلمون بين القبور، مما يعكس تنوع أشكال الحياة في هذا الفضاء.
يوضح الفيلم الأهمية الثقافية والدينية للمدافن، حيث يتصارع الأموات من مختلف المذاهب بجوار بعضهم البعض. تظهر المقامات الدينية والرموز المعبّرة في القبور، مع تأكيد على التعايش السلمي بين الأموات المختلفين. يسلط الفيلم الضوء أيضا على الجماليات السينمائية واللغة المجازية التي تنطق بها عدسة الكاميرا.
في الختام، يستعرض الفيلم أهمية ترميم المدافن والحفاظ على التراث والذاكرة التاريخية لمصر. يشير الفيلم إلى أن هذه المدافن يمكن أن تصبح معالم سياحية دينية، تشبه تلك الموجودة في الدول الإسلامية الأخرى. تعكس هذه المدافن جانبا مهما من ثقافة مصر وتاريخها، وتستحق الحفاظ عليها وترميمها لجذب الزوّار من جميع أنحاء العالم.