اعترف جهاز المخابرات الإسرائيلي “الموساد” لأول مرة بأنه تفاجأ بالهجوم الذي شنته حركة حماس في السابع من أكتوبر الماضي على المستوطنات والقواعد العسكرية بالقرب من قطاع غزة. تم ذلك في وثيقة أعدتها الموساد لنشرة مركز تراث وإحياء ذكرى الاستخبارات الإسرائيلية، وكشف عنها الخبير الأمني الإسرائيلي يوسي ميلمان في صحيفة “هآرتس”. وأشار إلى أن هذا الاعتراف يحمل أهمية كبيرة عندما يتم نشره رسميا من قبل الوكالة، مع الإشارة إلى أن كل كلمة في الوثيقة تمت الموافقة عليها من قبل مدير الموساد.
بينما يركز الموساد في نطاق أدائه بشكل عام على مجالات أخرى وليس فقط القضية الفلسطينية، فإنه يحافظ على اتصالات وتفاعل مع العديد من الأطراف ذات الصلة بهذا المجال. وقد أظهرت تقارير أن ازدراء حماس والتوقف عن مراقبة تدريباتها كانت من بين العوامل التي أدت إلى فشل التنبؤ بالهجوم الذي شنته في أكتوبر الماضي. ولا يزال الجيش الإسرائيلي يحقق في أسباب الفشل الاستخباراتي الذي أدى إلى هذا الهجوم وتواجه حكومة بنيامين نتنياهو انتقادات حادة في إسرائيل بسبب عدم القدرة على التنبؤ بعملية طوفان الأقصى التي نفذتها كتائب القسام.
من جانب آخر، يوضح الخبير الإسرائيلي يوسي ميلمان أن على الرغم من عدم توقيع الوثيقة، إلا أن وجودها بحد ذاته يكشف عن وجود موافقة من ديفيد برنيع مدير الموساد. وتوضح الوثيقة نشاط الموساد خلال الحرب في غزة وتبين الاتصالات العديدة التي يحافظ عليها الجهاز في هذا السياق. وتظل تلك الأحداث بمثابة دليل على التحديات والصعوبات التي تواجهها الجهات الأمنية في مجال المخابرات وفي استبقاء القادة والسياسيين على دراية بالتطورات السريعة في المنطقة.
وبالرغم من الاعتراف النادر من قبل الموساد، فإنه يبرز الثغرات في نظام المعلومات والاستخبارات الإسرائيلية، خاصة في مواجهة تحديات حركات المقاومة في فلسطين. وتظهر الواقعة أهمية تطوير إستراتيجيات جديدة وتحسين التنبؤات الاستخبارية للتصدي للتهديدات الأمنية، وتعزيز العمل الاستخباري للوقاية من هجمات محتملة. وتبقى حاجة الجهات الأمنية في إسرائيل لتقييم الأوضاع بشكل دقيق وتعزيز التعاون والتنسيق لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة.
في الختام، يجدر بالجهات الأمنية والاستخباراتية في إسرائيل أن تستفيد من الأخطاء والانتكاسات السابقة للتحسين المستقبلي للأداء وللتأكيد على أهمية مراقبة ومعالجة التهديدات الأمنية بشكل فعال ودقيق. وتظل مثل هذه الحوادث فرصة لتحفيز الجهود لبناء استخبارات قوية ومتطورة تحقق الأمن والاستقرار للمواطنين وتحافظ على أمن الدولة وحدودها. ويتعين على السلطات الإسرائيلية الاستجابة بجدية لهذه التحديات والعمل جاهدين على تحسين التنسيق والتعاون بين الجهات المختلفة لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة بشكل عام.














