Smiley face
حالة الطقس      أسواق عالمية

Summarize this content to 2000 words in 6 paragraphs in Arabic
ترمب يسجّل «انتصارات» سريعة في القارة الأميركية… ويستغلها ضد خصومه في الداخل

ما تبيّن بشأن تهديدات دونالد ترمب أنها لم تثمر أي نتائج ملموسة سوى في البلدان المجاورة، بالذات في القارة الأميركية، التي انقسمت حكوماتها بين مهلل للإدارة الاميركية الجديدة ومتهيّب لرياح سياسة ترمب الخارجية التي يقودها ماركو روبيو أبرز «الصقور» الجمهوريين وأكثرهم تطرفاً نحو اليمين بالنسبة للملفات الإقليمية.
والحال، أنه قبل انقضاء شهر واحد على بدء دونالد ترمب ولايته الرئاسية الثانية وتوقيعه عشرات الأوامر التنفيذية، حصد عدداً من «الإنجازات» التي سارع الساسة الجمهوريون إلى المفاخرة بها رغم الشكوك التي تثيرها هذه السياسة في أوساط الخبراء والمراقبين. بل اندفع مستشاره وحليفه الملياردير إيلون ماسك إلى حد القول: «إن تمثال الرئيس ترمب يجب أن يكون محفوراً على جبل راشمور» الصخري الشهير في ولاية ساوث داكوتا إلى جانب تماثيل جورج واشنطن، وتوماس جيفرسون، وإبراهام لنكولن وثيودور روزفلت.
شاينباوم (رويترز)
لي أذرع «الجارين» المكسيكي والكندي
بيد أن هذه «الإنجازات» ظلت حتى الآن مقصورة على المحيط الإقليمي للولايات المتحدة، حيث تملك واشنطن ترسانة ضخمة من وسائل الضغط والتأثير على جيرانها.
المكسيك، مثلاً، تعهّدت بإرسال عشرة آلاف جندي من الحرس الوطني إلى حدودها مع الولايات المتحدة لمكافحة عصابات تجارة المخدرات وتدفق الهجرة غير الشرعية. وجاء التعهّد بعد مكالمة هاتفية للرئيسة كلاوديا شاينباوم مع ترمب حصلت بنتيجتها على تعليق تنفيذ قرار فرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على البضائع والمنتوجات المكسيكية المصدّرة إلى الولايات المتحدة، لمدة شهر واحد. في الواقع، التعهد المكسيكي، برأي الخبراء، كان يمكن الحصول عليه من دون اللجوء إلى فرض الرسوم الجمركية على «الجارة» التي تعدّ من أهم الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، لكن أسلوب ترمب يقوم على الاستعراض الدائم لمظاهر القوة ولفت الأنظار.
لكن اللافت في هذه المواجهة، التي شكّلت أصعب مرحلة سياسية منذ وصول كلاوديا شاينباوم إلى الحكم، أنها رفعت شعبية الرئيسة المكسيكية حتى تجاوزت 80 في المائة بعد التهديدات الأميركية بفرض رسوم جمركية على المنتجات والسلع المكسيكية بنسبة 25 في المائة.
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (رويترز)
المراقبون في المكسيك يرجّحون أن تبقى تهديدات ترمب بشأن الرسوم مجرد تصريحات تهدف لدفع الحكومة المكسيكية إلى ضبط الحدود. ويرون أن زيادة الرسوم على المنتجات المكسيكية ستكون لها آثار وخيمة على المواطن الأميركي الذي يستهلك سنوياً ما قيمته 466 مليار دولار من البضائع والسلع المكسيكية. لكن تحسباً للمفاجآت التي ليست مستبعدة مع ترمب؛ دعت الرئيسة المكسيكية رجال الأعمال والشركات الكبرى إلى زيادة الإنتاج المحلي بهدف تلبية 50 في المائة من الاحتياجات الاستهلاكية الوطنية، و15 في المائة من الطلب المحلي في قطاعات السيارات والصناعات الفضائية والإلكترونية وأشباه الموصلات والأدوية والمواد الكيميائية.
أيضاً، وعدت شاينباوم بإطلاق حملة واسعة وطويلة الأمد لتشجيع استهلاك المنتجات الوطنية. وفي هذه الأثناء، بدأت طلائع قوات الحرس المدني المكسيكي بالتوجه إلى الحدود المكسيكية – الأميركية التي تمتد بطول 3200 كيلومتر؛ منعاً لتسلل عصابات المخدرات وتدفق الهجرة غير الشرعية إلى البلد الذي يعيش فيه أكثر من 11 مليون مهاجر مكسيكي… يشكلون إحدى الركائز الأساسية لقطاعي الزراعة والخدمات في الولايات المتحدة.
إشكالية كندا
بعدها، كانت المكالمة الرئاسية الثانية، التي طال انتظارها، مع رئيس وزراء كندا جاستين ترودو، الذي حصل هو أيضاً على وقف تنفيذ فرض الرسوم الجمركية على السلع والمنتجات الكندية لمدة شهر مقابل تعهّده بتعزيز المراقبة على الحدود المشتركة بخطة أمنية تكلفتها 1.3 مليار دولار، والتزامه بتصنيف «كارتيلات المخدرات» منظمات إرهابية، وتشكيل قوة أميركية – كندية مشتركة لمكافحة الجريمة المنظمة وتهريب المخدرات وغسل الأموال.
لكن مع هذا، ورغم كل هذه التعهدات، واصل ترمب الإعراب عن أمنيته بأن تصبح كندا «ولايتنا الحادية والخمسين». وعلى صعيد موازٍ، تتّجه أنظار المراقبين لمعرفة الخطوة الأولى التي سيُقدِم عليها الرئيس الأميركي دونالد ترمب باتجاه كوبا، التي يرجّح أن تكون أحد الأهداف الرئيسة لوزير خارجيته روبيو – المتحدّر من أصول كوبية – وهنا يبقى الاهتمام مركّزاً على مصير «المواجهة» بين واشنطن وموسكو؛ نظراً لضخامة المبادلات التجارية بين الطرفين، وللتداعيات التي قد تنتج من نتائجها.
بنما… وقناتها
بنما كانت بين «الضحايا» الأوائل التي سقطت في معركة تهديدات الرئيس الأميركي بعدما هدّد بتجريدها من السيادة على القناة الشهيرة التي تربط بين المحيطين الأطلسي والهادئ وتشكّل المصدر الأساسي لثروة البلاد.
ففي زيارته الأولى إلى الخارج، انتزع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو من رئيس جمهورية بنما خوسيه راوول مولينو «تنازلاً» مهماً. ولقد وصف بيان غير مسبوق اللهجة صادر عن وزارة الخارجية الأميركية ما حصل بالقول «أوضح الوزير روبيو أن الوضع الراهن للقناة ليس مقبولاً، وفي حال عدم حصول تغييرات فورية ستكون الولايات المتحدة مضطرة إلى اتخاذ التدابير اللازمة من أجل حماية حقوقها بموجب المعاهدة».
وبعد ساعات معدودات من مغادرة روبيو بنما، أدلى مولينو بتصريح قال فيه إن بلاده لن تجدد الاتفاق الموقّع ضمن إطار «طريق الحرير» الصينية عندما تنتهي مدته. وللعلم، كانت بنما قد انضمت إلى المشروع الضخم الذي أطلقته بكين منذ سنوات للاستفادة من العروض الاستثمارية والمشاريع الإنمائية التي تقدّمها الصين لتمويل البُنى التحتية، وذلك بعدما قررت بنما قطع علاقاتها الدبلوماسية مع تايوان.
أيضاً، ذكرت مصادر رسمية أميركية أن مولينو أكّد لروبيو أن السفن الحربية الأميركية «ستكون لها الحرية الكاملة لعبور القناة». ولكن هذا ايضاً لم يكن كافياً بالنسبة لترمب، الذي قال: «قبلوا ببعض الأمور، لكنني لست راضياً عن ذلك»، واعداً بمضاعفة الضغوط في الأيام المقبلة.
… وبو كيلة وسجونه!
في أميركا الوسطى أيضاً، كانت السلفادور المحطة الثانية في جولة روبيو الأولى بصفته وزيراً للخارجية. وهنا تعهّدت السلفادور بموجب اتفاقية وقّعها الوزير الأميركي مع رئيس الجمهورية نجيب بو كيلة بأن تستقبل في سجونها المجرمين الذين يُلقى القبض عليهم في الولايات المتحدة، بمن فيهم مواطنون أميركيون، مقابل الحصول على مساعدة تقنية من واشنطن لتطوير محطة لتوليد الطاقة النووية. وذكر بو كيلة أن بلاده تلتزم قبول المجرمين الذين صدرت بحقهم أحكام إدانة أميركية «مقابل تعريفة منخفضة بالنسبة للولايات المتحدة، لكنها تسمح باستدامة منظومة السجون في السلفادور».
ما يستحق الذكر، أنه يوجد في السلفادور أكبر سجن في العالم، يتسع لأكثر من 40 ألف معتقل. وكان قد بناه بو كيلة إبان حربه ضد العصابات المسلحة التي كانت تزرع الرعب في البلاد، والتي يوجد ما يزيد على عشرين ألفاً من أفرادها حالياً في السجن. ولقد أبدت دول أميركية لاتينية عدة تعاني ظاهرة العصابات المسلحة اهتماماً بـ«التجربة السلفادورية» وقرّرت تبنّيها للحد من مستويات العنف في مدنها الكبرى. وحقاً، منذ عام 2022 ضربت شعبية بو كيلة أرقاماً قياسية إثر إعلانه حالة الطوارئ واعتقال أكثر من 80 الفاً من أفراد العصابات الإجرامية وزجّهم في السجن من غير إعطائهم فرصاً للدفاع عن النفس أمام المحاكم. وبهذا الشأن، تقول منظمات حقوق الإنسان إن مئات المعتقلين قضوا تحت التعذيب في السجون، لكن هذا لم يؤثر سلباً على شعبية بو كيلة الذي يفاخر بأن السلفادور على عهده أصبحت الدولة الأكثر أماناً في أميركا اللاتينية بعدما كانت الأكثر عنفاً. بنما كانت بين «الضحايا» الأوائل التي سقطت في معركة تهديدات ترمب بعدما هدّد بتجريدها من السيادة على قناتها الشهيرة

شاركها.
© 2025 جلوب تايم لاين. جميع الحقوق محفوظة.