يستمر طلاب جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة الأمريكية في اعتصامهم حتى يتم تلبية مطالبهم بسحب استثمارات الجامعة من الجماعات التي تستفيد من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. ويعتمد الطلاب على سجلهم الناجح في الضغط على إدارة الجامعة لاتخاذ قرارات تتعلق بقطع العلاقات المالية مع الشركات أو الدول التي تنتهك حقوق الإنسان. يعود جذور هذا النضال إلى ثمانينيات القرن الماضي عندما دعا طلاب الجامعة إدارتها إلى قطع العلاقات المالية مع شركات تعمل في جنوب أفريقيا بسبب سياسة الفصل العنصري.
وافق مجلس الشيوخ الطلاب في جامعة كولومبيا في عام 1983 على سحب الاستثمارات في جنوب أفريقيا بدعم شبه جماعي، ولكن رفض أمناء الجامعة هذا القرار. تنظم الطلاب مظاهرة في أبريل/ نيسان من عام 1985 احتجاجاً على استثمارات الجامعة في جنوب أفريقيا، وتم منع الوصول إلى مدخل الحرم الجامعي خلال الاحتجاجات. وبعد أشهر من هذه الفعاليات، قرر أمناء الجامعة بيع غالبية أسهم الجامعة في الشركات الأمريكية التي تعمل في جنوب أفريقيا، وبعد ذلك سحبت العديد من الجامعات الأخرى استثماراتها من هناك.
وفي عام 2015، أصبحت جامعة كولومبيا أول جامعة أمريكية تسحب استثماراتها من شركات السجون الخاصة بفضل حملة طلابية استمرت لأكثر من عام. وفي عام 2019، نظم طلاب آخرون من الجامعة إضرابًا عن الطعام لدفع الإدارة لسحب الاستثمار من جميع أنواع شركات الوقود الأحفوري. ووافقت الجامعة على هذا المطلب في بدايات عام 2021، مما يظهر تأثير الطلاب في تشكيل سياسات الجامعة والضغط لتحقيق تغييرات إيجابية.
يشير تقرير إعداده أسيل سامي للجزيرة إلى أن الطلاب في جامعة كولومبيا يحملون على عاتقهم التصدي لظلم وانتهاكات حقوق الإنسان، سواء داخل الحرم الجامعي أو خارجه. هذا يعكس الوعي الاجتماعي والسياسي الذي يمتاز به هؤلاء الطلاب، والذي يجعلهم يسعون للعمل على تغيير النظام الحالي لصالح العدالة وحقوق الإنسان. ويعتبرون أن المسؤولية الاجتماعية للجامعة تشمل عدم تسهيل أو دعم الجهات التي تنتهك حقوق الإنسان أو تستغل الصراعات القائمة في العالم لصالحها.
بالإضافة إلى ذلك، يتضح من الحركات النشطة للطلاب في جامعة كولومبيا أن لديهم القدرة على تنظيم أنفسهم والتأثير على القرارات الإدارية في الجامعة. يظهر وحدة الطلاب في مطالبهم وعزمهم على الوقوف بقوة لتحقيق أهدافهم بغض النظر عن العراقيل التي يمكن أن يواجهوها. ويمثلون قوة تحفيزية للمجتمع الجامعي بأسره لتبني القيم الأخلاقية وحقوق الإنسان والعمل من أجل تحقيق التغيير الإيجابي في المجتمعات المحلية والعالمية. وبفضل جهودهم المتواصلة، تحولت جامعة كولومبيا من الجامعة الأولى التي تسحب استثماراتها من شركات السجون الخاصة إلى الجامعة الأولى التي تسحب استثماراتها من شركات الوقود الأحفوري، مما يؤكد على قوة وتأثير نضال هؤلاء الطلاب.















