Smiley face
حالة الطقس      أسواق عالمية

Summarize this content to 2000 words in 6 paragraphs in Arabic

حسابات التأليف بعد تحدي التكليف

شكّل حصول القاضي الدكتور نواف سلام، رئيس محكمة العدل الدولية، على أكبر عدد من أصوات النواب في الاستشارات النيابية لتكليف رئيس للحكومة، مفاجأة بعد أربعة أيام على انتخاب جوزيف عون رئيساً للجمهورية، الذي كان أرسى انتخابه جواً جديداً في البلد بعد تهافت دول العالم على إعلان دعمه واستعدادها للتعاون لإنجاح عهده. ومن ثم، كلّف عون سلام تشكيل حكومة عهده الأولى بعد حصول الأخير على 85 صوتاً من أصل 126 نائباً.
التكليف جاء بعد ساعات عصيبة من المباحثات والاتصالات، التي نجحت في قلب مقاييس الموازين السياسية، وأدت إلى امتناع كتلتي «حزب الله» و«حركة أمل» عن التصويت في نهاية يوم الاستشارات الطويل. وكذلك بعد هجوم رئيس كتلة الحزب محمد رعد على معارضيه، متّهماً إياهم بالانقلاب على التوافق الذي تحقق في انتخابات رئيس الجمهورية، و«بالتقسيم والإلغاء والإقصاء»، مطالباً بـ«حكومة ميثاقية» ومعتبراً أن «أي حكومة تناقض العيش المشترك لا شرعية لها».
وزارة المال
نواب «الثنائي الشيعي» (أمل وحزب الله) الاستشارات غير الملزمة التي أجراها سلام بُعيد تكليفه تعبيراً عن امتعاضهم من تكليفه من دون أن يكون لهم كلمة في ذلك، قبل أن يعودوا ليتعاونوا، مطالبين بالمشاركة في الحكومة والحصول على 5 حقائب وزارية منها وزارات المال والصحة والعمل.
لكن تسليم «الثنائي» مجدداً وزارة المال يثير جدلاً سياسياً كبيراً في البلد؛ إذ يرفض قسم كبير من القوى السياسية تكريس حقيبة وزارية لطائفة وجهة سياسية معينة، فبينما تصرّ قيادتا «أمل» و«حزب الله» على أن حصولهما على هذه الحقيبة تم التفاهم عليه من خلال «اتفاق الطائف» كي تكون الطائفة الشيعية شريكة فعلية في الحكم عبر توقيع وزير المال على المراسيم إلى جانب توقيعي رئيس الجمهورية (الماروني) ورئيس الحكومة (السني) وتحقيقاً للتوازن الطائفي. ولكن، للعلم انه منذ العام 1989 وحتى اليوم تناوب وزراء من كل الطوائف على هذه الوزارة قبل أن يسعى «الثنائي» لاحتكارها منذ عام 2016.
معظم القوى السياسية الأخرى ترفض السردية التي يتمسك بها «حزب الله» و«أمل». ثم أن الذين شاركوا في اجتماعات «الطائف» عام 1989 يؤكدون أنه لم يتم التفاهم على إعطاء وزارة المال للطائفة الشيعية، ويرون أن «الثنائي» يسعى لتكريس نظام «المثالثة» في البلد في حين ينص «اتفاق الطائف» حصراً على المناصفة بين المسيحيين والمسلمين. وفي ظل هذا الوضع، ترجح المعلومات أن يُسند الرئيس المكلف وزارة المال إلى شخصية شيعية، لكن غير حزبية محسوبة مباشرة على «الثنائي»؛ في مسعى لاحتواء أي إشكال مقبل في البلد يكبّل انطلاقة العهد الجديد وعمل الحكومة.
وحقاً، أعلن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أخيراً أنه لا يمانع في إعطاء وزارة المالية للطائفة الشيعية، لكنه شدد في حديث لبرنامج «صار الوقت» على محطة «إم تي في» mtv اللبنانية على أن «إعطاء المالية للشيعة شيء، وإعطاؤها للثنائي شيء آخر»، وأردف أنه «انطلاقاً من الظرف الحالي وما حصل في الجنوب، يجب أن تكون مع الشيعة، بشرط ألا يكون للوزير أي علاقة بالثنائي».
الوزارات الخدماتية
من جهة ثانية، ليس إصرار «الثنائي الشيعي» على الحصول على وزارة المال وحده ما يشكّل تحدياً أساسياً أمام رئيس الحكومة المكلف نواف سلام. فتهافت الأحزاب والقوى السياسية على الحصول على حقائب وزارية، وبخاصة تلك المتعارف عليها بأنها «خدماتية»، يصعّب مهمته وبخاصة أن أي فريق سياسي لم يُعرب حتى الساعة عن نيته القبول بأن يكون في صفوف المعارضة، كما أن الكل يدفع باتجاه حكومة «وحدة وطنية».
ولعل أبرز ما يجعل هذه القوى والأحزاب متحمسة للمشاركة في الحكومة عبر وزارات خدماتية، هو أنه من المرجح أن تكون هذه الحكومة هي التي ستُعد للاستحقاق النيابي المرتقب في مايو (أيار) 2026، وبالتالي ستسعى كالعادة لوضع هذه الوزارات في خدمة ناخبيها.
في المقابل، يبدو أن إدراك الرئيس المكلف لهذه الخلفيات؛ هو ما يجعله متريثاً في عملية توزيع الحقائب، كيف لا وأنظار المجتمعَين العربي والدولي تتركز على الإصلاحات المنتظرة من لبنان لدعمه ومدّ يد العون له. ولعل في طليعة الإصلاحات المطلوبة وقف منطق «المحاصصة»… سواء في تشكيل الحكومات أو التعيينات واعتماد منطق الكفاءة حصراً.

3 أنواع من الوزارات

تنقسم الحقائب الوزارية اللبنانية الـ22، بحسب محمد شمس الدين، الباحث في الشركة «الدولية للمعلومات»، إلى 3 فئات: سيادية، وخدماتية وحقائب وزارية أقل أهمية.
الوزارات السيادية هي: الخارجية والمغتربين، والداخلية والبلديات، والمالية، والدفاع، والعدل.
الوزارات الخدماتية هي: الصحة العامة، والتربية والتعليم، والطاقة والمياه، والأشغال العامة والنقل، والشؤون الاجتماعية، والزراعة.
ويبقى هناك 11 حقيبة وزارية تُعد أقل أهمية كالشباب والرياضة، والاتصالات، والعمل، والإعلام، والسياحة، والثقافة، والبيئة، والمهجّرين، والصناعة، والاقتصاد، والتنمية الإدارية.
التمويل أساسي لتقديم الخدمات
يشير شمس الدين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «خلال فترات الانتخابات تمكن الاستفادة من الوزارات الخدماتية إما على مستوى فردي أو على مستوى البلدات والقرى. وتشمل الخدمات نقل مدرسين وفتح مستوصفات وشق طرقات ومد كهرباء ومياه إلى أحياء وقرى معينة، وتقديم مساعدات عبر وزارة الشؤون ووزارة الزراعة وغيرها». ويضيف أنه «إذا ظل وضع المالية العامة على ما هو عليه راهناً، حيث غالبية موازنات الوزارات بالكاد تكفي لدفع الرواتب والأجور والخدمات التشغيلية عندها… فحتى الوزارات التي تصنّف خدماتية ستكون قدرتها على التأثير انتخابياً ضعيفة، بل إن هذه الوزارات ستصبح عبئاً على القوى السياسية التي تتولاها لأنها في موقع مسؤول، وفي الوقت نفسه عاجزة عن تأدية الخدمات المطلوبة منها».
وبناءً عليه؛ يعتبر شمس الدين أنه «لا يمكن الجزم بأن هذه الحكومة هي التي ستشرف على الانتخابات؛ ذلك أنه يمكن بعد سنة أن يصار إلى تشكيل حكومة جديدة تكون مهمتها الأساسية الإعداد للانتخابات والإشراف عليها، فلا يتجاوز عمرها 3 أشهر كما حصل في عام 1992 مع حكومة رشيد الصلح، وفي عام 2005 مع حكومة نجيب ميقاتي في حينه».
تصحيح المفاهيم
في سياق موازٍ، يعتبر سمعان بشواتي، الخبير في مجال التنمية المحلية والحوكمة والمحاضر في معهد العلوم الاجتماعية الجامعة اللبنانية، أنه «بالإضافة إلى كل التحديات التي تواجه الرئيس المكلف هناك تحدٍ أساسي يقضي بتصحيح المفاهيم المرتبطة بدور الوزير وتصنيف الوزارات». ويوضح بشواتي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن «الوزير من حيث المبدأ هو أحد كبار موظفي الدولة، وهو موكل بإدارة أحد المرافق العامة، أي الوزارة التي بدورها لديها هيكلية مؤسساتية، أي مدير عام ورؤساء مصالح وموظفون. وهذا الأمر يتطلب أن يكون الوزير قيادياً يشارك في صناعة السياسات، ويتمتع بالكفاءة اللازمة لإدارة فريق عمل يجعله يتبنى رؤية الحكومة وسياساتها ويلتزم الشفافية والأداء السليم». ومن ثم، يتابع: «هذا كله يفرض إعادة النظر في تصنيف الوزارات بين سيادية وخدماتية، باعتباره بدعة محلية غير موجودة في أي مكان آخر».
كذلك، يشدد بشواتي على أن «السيادة في عمل الوزارات تعني سياسات اجتماعية واقتصادية وأمنية وصحية غير مرتهنة، تستطيع الوزارات تنفيذها بدل اعتمادها سياسة الاستعطاء من الخارج والاتكال في كامل مشاريعها على الهبات». ويلحظ أن «الأحزاب اللبنانية بنت علاقاتها مع جماهيرها على قاعدتين: الأولى هي التخويف من الآخر وبالتالي الأزمة الوجودية… والأخرى هي العلاقة المصلحية التي أدت إلى استخدامها مقدرات الدولة لتثبيت الارتهان لها وتوسيع نطاق جماهيرها.

“);
googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); });
}

شاركها.
© 2025 جلوب تايم لاين. جميع الحقوق محفوظة.