أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حكمًا يوم الخميس يقضي بأنه لا يمكن اعتبار منع تلامذة المدارس من ارتداء الرموز الدينية انتهاكًا لحقوقهم، وذلك بعد دعوى قدمتها ثلاث فتيات مسلمات بلجيكيات تم منعهن من ارتداء الحجاب في المدارس. تلقت الشابات التعليم الثانوي في إطار التعليم العام الذي فرض حظرًا على الرموز الدينية المرئية منذ عام 2009. قدم أهالي الفتيات شكوى للقضاء البلجيكي لكن دون جدوى، وبعد ذلك تقدموا بطلب إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في نوفمبر 2020.
أدلت الفتيات الثلاث بشهادات أمام المحكمة مؤكدات أن الحظر ينتهك حقوقهن المضمونة في المواد 8 و 9 و 10 من اتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى المادة 2 من البروتوكول رقم 1 والمادة 14 التي تحظر التمييز. واعتبرت المحكمة أن “مفهوم حياد التعليم الذي يمنع ارتداء الرموز الدينية المرئية لا يتعارض بشكل عام مع حرية الدين”. وأشارت إلى أن الحظر لا يستهدف الحجاب الإسلامي فقط، بل يشمل جميع الرموز الدينية المرئية، وأن الفتيات وافقن مسبقا على الامتثال للقواعد المعمول بها.
سبق للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التدخل في قضية الرموز الدينية في المدارس. في يونيو 2009، أعلنت المحكمة رفض طلب قدم ضد فرنسا من قبل ستة تلاميذ تم طردهم من مدارسهم بسبب ارتدائهم رموز دينية، كان من بينها الحجاب الإسلامي وعمامة السيخ. وأوضحت المحكمة آنذاك أن الحظر لم يكن يستهدف دين محدد، بل كان يهدف إلى حماية حقوق الآخرين والنظام العام.
تأكدت المحكمة الأوروبية في حكمها الأخير من أن الحظر على الرموز الدينية في المدارس لا ينتهك حقوق الفرد، وأن حقوق الآخرين والحريات الأساسية يجب أن تحمى. وأكدت أن الحظر يعتبر ضروريا ومشروعا لضمان التعايش السلمي والاحترام المتبادل بين مختلف الثقافات والأديان.
يأتي حكم المحكمة في سياق متزايد للجدل حول قضية حظر الرموز الدينية في الأماكن العامة في أوروبا وخاصة بالنسبة للحجاب الإسلامي. وتظهر هذه القضية أهمية إيجاد توازن بين حرية المعتقد وحماية حقوق الآخرين وضمان السلامة والتعايش الاجتماعي. ومن المتوقع أن تناقش الشركات المدرسية والجهات الحكومية في بلدان أوروبية مثل بلجيكا وفرنسا كيفية تنفيذ هذا الحكم وتوفير بيئة تعليمية تعكس قيم التعددية والاحترام المتبادل.













