حالة الطقس      أسواق عالمية

Summarize this content to 2000 words in 6 paragraphs in Arabic
ولاءات عسكرية وقبلية «تتحكّم» في خريطة الانتخابات المحلية الليبية

تتحكم ولاءات عسكرية وسياسية وقبلية في «جانب كبير» من المشهد الانتخابي للجولة الثانية للاقتراع المحلي في عموم ليبيا، والتي لم يحدد موعد إجرائها بعد.
وتتراوح هذه الولاءات، حسب نشطاء ومحللين سياسيين، بين نفوذ «التشكيلات العسكرية»، و«الجيش الوطني» والقبائل الليبية، وهي خريطة اتضحت أحد شواهدها في العاصمة طرابلس، إثر اتهامات وجهتها قبيلة أولاد صالح في بلدية العزيزية إلى ميليشيا عسكرية بتهديد الراغبين في الترشح على قائمة «السلام»، واحتجازهم في مقار عسكرية.
تهديدات وترويع
كشف مصدر مطلع وناشط مدني تحفظا على ذكر اسميهما لـ«الشرق الأوسط» جانباً من تفاصيل هذه الواقعة، وأشارا إلى «اقتياد أكاديمي، وعضو بفريق أحد المرشحين إلى المدينة الرياضية، وتلقيهما تهديدات وترويعاً مباشراً من جانب عميد بلدية للانسحاب من الانتخابات».
وقفة احتجاجية لعدد من أبناء قبيلة أولاد صالح في العزيزية بالعاصمة طرابلس (من تسجيل صور)
وتطابقت روايتا المصدرين في أن هذا المسؤول المحلي يستمد نفوذه من علاقة قرابة بقائد «ميليشيا 55»، بشير الضاوي، بما يجبر مرشحين آخرين على الإحجام عن خوض الانتخابات، إيثارا لسلامتهم، وحرصاً على السلم الاجتماعي في مدينة تعاني تردياً في الأوضاع الخدمية، بحسب المصدرين.
ودأبت منصات التواصل الاجتماعي، التابعة للبلدية، على نشر صور وتسجيلات مصورة للقاءات المسؤول المحلي مع فعاليات اجتماعية وقبلية، تروّج لمبايعات له في الجولة الانتخابية القادمة، كان أبرزها لقاء جمعه مع آمر «ميليشيا 55» في منزل مدير أمن الجفارة، اللواء عبد الناصر الطيف، في الثالث من فبراير (شباط) الجاري.
ليبية تدلي بصوتها في المرحلة الأولى للانتخابات البلدية في نوفمبر الماضي
ولم يصدر أي رد رسمي من جانب المسؤول المحلي، أو الضاوي على هذه الاتهامات المتداولة عبر صفحات التواصل الاجتماعي، فيما انخرط ناشطون ليبيون، تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، في تجهيز قائمة بما قيل إنها «خروقات وضغوط»، بحق مواطنين كانوا طامحين للترشح في طرابلس.
وأغلق باب الترشح في المرحلة الثانية للاقتراع البلدي في 63 بلدية، من بينها طرابلس، نهاية الأسبوع الماضي، وفق الجدول الزمني المعلن من قِبل مفوضية الانتخابات، انتظاراً لمرحلة تسجيل الناخبين.
جدية نزاهة الانتخابات
يتساءل الناشط السياسي، محمد قشوط، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن مدى جدية الحديث عن «نزاهة الانتخابات»، وسط ما هو متداول عن «ضغوط تمارس على الطامحين لخدمة بلدياتهم عبر صناديق الاقتراع».
تجدر الإشارة إلى أن سباق النفوذ لم يظهر في المرحلة الأولى للانتخابات البلدية في نوفمبر (تشرين الأول) الماضي، أخذاً في الاعتبار صغر حجم هذه البلديات، ومحدودية التأثيرات السياسية والعسكرية على ناخبيها، وفق المحلل السياسي الليبي محمد امطيريد.
نورلاند في لقاء سابق مع رئيس المفوضية العليا للانتخابات الليبية (البعثة)
الحديث عن الولاءات والتهديدات في الانتخابات البلدية مرشح للتكرار في مناطق أخرى بالعاصمة طرابلس، حيث يتغول نفوذ الميليشيات في ثلاث مناطق رئيسة، هي بلدية أبو سليم الواقعة ضمن نفوذ غنيوة الكيكلي، آمر جهاز «دعم الاستقرار»، فيما تتكرس سيطرة قائد «جهاز الردع»، عبد الرؤوف كارة، في منطقة سوق الجمعة، و«اللواء 444» برئاسة اللواء محمود حمزة في عين زارة.
وهنا تنعكس الاستقطابات العسكرية على المشهد الانتخابي، والتي ظهرت مؤشراتها في العزيزية أيضاً، وهي بحسب الناشط محمد قشوط «ترجمة عملية لرغبه كل طرف في السيطرة على البلديات، تمهيداً للمرحلة السياسية القادمة، والاستفادة المادية من عقود ومشاريع في تلك البلديات»، حسب تعبيره.
ومن المقرر أن تُجرى انتخابات المرحلة الثانية في 63 بلدية، منها 41 بلدية في المنطقة الغربية، و13 بلدية بالمنطقة الشرقية، إضافة إلى 9 بلديات في المنطقة الجنوبية، حسب قرار صادر عن المفوضية.
سيطرة حكومة حماد
في شرق ليبيا ليس الوضع أفضل حالاً، إذ تبدو سيطرة الحكومة المكلفة من مجلس النواب «واضحة على المشهد الانتخابي»، وفق أشرف بوفردة، مدير المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية، الذي لم يستبعد «تعيين مجالس تسييرية بقادة عسكريين، إذا جاءت النتائج عكس رغبة القيادة العامة». بحسب قوله.
وسبق أن قررت حكومة حماد إيقاف المجلس المنتخب لبلدية هراوة (شرق سرت) في يناير (كانون الثاني) الماضي، بعد أدائه اليمين القانونية أمام خصمها في حكومة «الوحدة المؤقتة» بغرب ليبيا.
جانب من حملة تشجيع الليبيين على المشاركة بكثافة في الانتخابات البلدية (الشرق الأوسط)
وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى «الوحدة الوطنية»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، التي تتّخذ من العاصمة طرابلس مقراً لها، والأخرى مُكلفة من البرلمان وتدير المنطقة الشرقية، وبعض مناطق الجنوب، برئاسة أسامة حمّاد.
بموازاة ذلك، من المتوقع أن تسجل المكونات القبلية حضوراً مهماً في مشهد الاقتراع البلدي في شرق ليبيا، حسب تقدير المحلل السياسي الليبي، امطيريد، مشيراً إلى خصوصية بنغازي، التي تتنوع قوائمها بين قبائل الحضر والبدو، وهو ما ينطبق على درنة أيضاً، فيما تهيمن قبائل بعينها على مدن مثل طبرق والبيضاء، حسب تقديرات امطيريد.
وبدأت تبرز أسماء قوائم انتخابية، مثل «الشفاء» و«دار السلام» في مدينة طبرق، بالتوازي مع مشاورات انتخابية أجراها أبناء قبيلة العبيدات «بيت مريم»، خلال اجتماع هذا الشهر، في ظل تنافس تاريخي مع قبيلة القطعان.
ويخشى متابعون من إعادة تكرار ما وصفت بأنها «توترات قبلية» في شرق ليبيا، واكبت الجولة الأولى، ومنها على سبيل المثال مدينة أجدابيا، التي شهدت احتقاناً عقب فوز قائمة تابعة لقبيلة الزوية على أخرى تابعة لقبيلة المغاربة، علماً بأن الأولى تحظى بدعم واضح من جانب «الجيش الوطني»، وفق ناشط مدني تحدث إلى «الشرق الأوسط»، متحفظاً عن ذكر اسمه.
وفي 16 من نوفمبر الماضي، أجريت انتخابات المجموعة الأولى في 58 بلدية، شهدت إقبالاً كبيراً بلغ 74 في المائة من إجمالي عدد من يحق لهم التصويت، بحسب بيانات المفوضية الوطنية العليا للانتخابات.
أما في الجنوب الليبي، ورغم السيطرة الأمنية من جانب «الجيش الوطني»، فربما تنعكس النزاعات القبلية على المشهد الانتخابي، خصوصاً بين «أولاد سليمان» و«التبو» و«المقارحة». وفي هذا السياق، يقول المحلل الليبي محمد امطيريد: «كل قبيلة تحظى بنفوذ في مناطق بعينها، وبعضها يفرض وجوده بالقوة للسيطرة على البلدية».
في جانب آخر من خريطة الولاءات في الانتخابات البلدية، يبدو أن أنصار النظام السابق «هم أبرز المستفيدين»، وفق أشرف بوفردة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن الانتخابات البلدية «فرصة ذهبية لأنصار سيف الإسلام، إذ تتيح لهم العودة للحياة السياسية ومنظومة الدولة، والقدرة على التواصل المباشر مع الليبيين، بعد أكثر من 14 عاماً من (ثورة فبراير)».
استقطابات المشهد الانتخابي البلدي في ليبيا ينظر لها المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، من «زاوية إيجابية»، واصفاً اهتمام الأطراف بالمشاركة السياسية في البلديات بأنه «إنجاز بدل الحديث عن تكليفات وتعيينات غير شرعية»، بل عده دليلاً على «استمرار الإيمان بصندوق الاقتراع كوسيلة لحل الأزمة».

شاركها.
© 2025 جلوب تايم لاين. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version