وهكذا، يُظهر الفيلم “الحمراء وابن الخطيب” تعاونًا مشتركًا بين الجهات الفنية والأكاديمية لتقديم رؤية موضوعية ومتوازنة لتاريخ المملكة الأندلسية وبناء قصر الحمراء. وتظهر المعالجة الفنية الدقيقة للفيلم استعراضًا لجمالية العمارة الإسلامية والعربية في الأندلس، مع التركيز على مساهمتها الفاعلة في تطوير الحضارة الإسبانية. وعلى الرغم من تعاطف بعض الشخصيات بانتقادات تجاه تكلفة بناء القصر، تُظهر المخرجة تفهمًا عميقًا لدور البناء الحضاري كرمز للعظمة والفخر الوطني.
وتُسلط الفيلم الضوء على دور المفكر الأندلسي لسان الدين بن الخطيب في ترسيخ الحضارة الإسلامية والعربية في المنطقة، من خلال مشاركته في بناء قصر الحمراء وتعزيز التفاهم الثقافي بين الشعوب. ويُبرز الفيلم أيضًا جهود الجهات التعاونية مثل قناة الجزيرة الوثائقية في إنتاج أفلام تعزز التراث العربي الإسلامي وتوجهاته الحضارية والفنية.
ومن خلال تحليل مخرجة الفيلم “إيزابيل فرنانديز”، نجد أنها تتبنى نهجًا مختلفًا ومتوازنًا في عرض التاريخ الإسلامي الأندلسي، مع التأكيد على احترام التراث العربي وتقديره لما قدمته للحضارة الإسبانية. وفي ظل تحديات الاستشراق الإسباني والصور النمطية للعرب والمسلمين، يمكن رؤية فيلم “الحمراء وابن الخطيب” كخطوة نحو تقديم صورة أكثر توازنًا وعدالة للتاريخ والحضارة الإسلامية في إسبانيا.
ويظهر الفيلم بشكل واضح قدرة السينما على إبراز الجوانب الجمالية والتاريخية للثقافات المختلفة وإلهام المشاهدين بالتفكير والنقاش حول التراث العربي والإسلامي. وعلى الرغم من وجود تيارات سينمائية استشراقية تحاول تشويه صورة الحضارة الإسلامية، يُعتبر فيلم “الحمراء وابن الخطيب” مثالًا بارزًا على قدرة الفن على مقاومة هذه التيارات النمطية وتقديم رؤى جديدة ومتوازنة.
وبناءً على ذلك، يمثل فيلم “الحمراء وابن الخطيب” استعراضًا مفصلًا وشيقًا لتاريخ مملكة الأندلس وبناء قصر الحمراء، ودور الحضارة الإسلامية في تطوير الحضارة الإسبانية. ومن خلال عرض مساهمة الشخصيات الأندلسية البارزة مثل لسان الدين بن الخطيب، يُظهر الفيلم جهود العقلاء والمفكرين في تعزيز التفاهم الثقافي وتحقيق التقدم الحضاري. وبفضل مخرجة الفيلم وفريق الإنتاج، يتم التركيز الكامل على جمالية العمارة الإسلامية والعربية وإبراز مكانتها في التاريخ الإسباني.
