حالة الطقس      أسواق عالمية

Summarize this content to 2000 words in 6 paragraphs in Arabic

اتفاقية الشراكة مع روسيا قد تعزز أوراق المواجهة مع الولايات المتحدة

مع توقيع «اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة» تكون روسيا وإيران قد استعادتا، بمعنى ما، «معاهدة الصداقة» التي وُقعت بين الاتحاد السوفياتي وإيران في عام 1921. كذلك يكون «حلم بريماكوف»، رئيس جهاز المخابرات الأسبق ووزير الخارجية، ثم رئيس وزراء روسيا لفترة قصيرة، قد تحقق جزئياً؛ لأنه كان يدعو، قبل 30 عاماً، إلى قيام «تحالف طبيعي» بين روسيا وإيران، وأيضاً الهند والصين، للوقوف بوجه القوى الغربية وأحلافها.
وباستثناء الهند التي لها وضع خاص بحيث إنها، في الوقت عينه، صديقة لواشنطن وموسكو، فإن 4 شراكات استراتيجية ثنائية ذات أبعاد عسكرية ودفاعية قد قامت حتى اليوم، وهي تجمع روسيا من جهة، ومن جهة أخرى الصين وكوريا الشمالية وإيران. والخيط الجامع بينها عداؤها للمعسكر الغربي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية، وخضوعها منذ سنوات لعقوبات اقتصادية ومالية غربية لأسباب متنوعة.
والهدف الأول من هذه الاتفاقيات تعزيز ما يسميه الباحث الجيوـ استراتيجي الفرنسي برونو تيرتريه، بـ«العائلة المناهضة للغرب»، ومن ضمن مكنوناتها الالتفاف على العقوبات الأميركية ـ الغربية العابرة للحدود التي تضر باقتصادات الدول المعنية.
طهران تأمل أن تزودها موسكو بمنظومة حديثة للدفاع الجوي (أ.ب)
إيران تبحث عن حماية
ما كان لهذه الاتفاقية الجاري الحديث عنها منذ سنوات، ومنذ ما قبل اندلاع حرب أوكرانيا بداية عام 2022، أن ترى النور من غير توافر الظروف التي سهلت ولادتها. ثمة عاملان رئيسان دفعا في هذا الاتجاه: التدخل الروسي – الإيراني المشترك لدعم نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في عام 2015. وبشكل خاص، توقيع المعاهدة المشتركة في عام 2018 حول تقاسم بحر قزوين بعد عشرين عاماً من المفاوضات؛ ما مكّن الطرفين من إيجاد حل لنزاع حدودي قديم كان سبباً لبرودة علاقاتهما.
من بين الطرفين المعنيين، تبدو إيران الأكثر حاجة للاتفاقية المشتركة مع روسيا، خصوصاً في المجال الدفاعي والعسكري، وذلك مع عودة دونالد ترمب بعد ثلاثة أيام إلى البيت الأبيض، وغموض خطط إدارته الجديدة إزاء طهران، وهيمنة من يدفعه إلى ممارسة «أقصى الضغوط» على إيران، بما في ذلك التهديد بعمل عسكري مشترك إسرائيلي – أميركي.
وليس سراً أن الضربات الجوية والصاروخية الإسرائيلية في العشرين من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي قد أضعفت منظومات الدفاع الجوي الإيراني. وبعد حصولها، تباهى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن طيران بلاده «أصبح له الحرية المطلقة» للتحرك في الأجواء الإيرانية.
ورغم أن أوساطاً في إيران أكدت لوسائل إعلام روسية أنها قادرة على الدفاع عن نفسها بـ«قواها الذاتية»، وليست بحاجة لبند في «الاتفاقية» ينص على تدخل روسيا في حال تعرضها لهجوم من طرف «ثالث»؛ فإن طهران تحتاج حقيقة لمنظومات حديثة من الدفاع الجوي لحماية برنامجها النووي ومواقعها الاستراتيجية. وإذ تسعى للحصول على منظومة «إس 400» الروسية للدفاع الجوي؛ فإنها حتى اليوم لم تحصل عليها في حين أن أسباب ذلك غير واضحة.
بوتين يرى أن اتفاقية الشراكة مع إيران تعزز زخم العلاقات الثنائية
ماذا تستشعر إيران؟
حقيقة الأمر أن إيران، رغم نفي قادتها، تستشعر الضعف بعد الخسائر الكبيرة التي لحقت بحلفائها في لبنان وغزة، وانهيار نظام الأسد، والضغوط على الفصائل العراقية، والضربات الغربية – الإسرائيلية على جماعة «الحوثي» في اليمن؛ ما يعني عملياً أن الحصانات التي بنتها في أكثر من عشرين سنة قد تهاوت الواحدة بعد الأخرى.
وربما تنظر طهران لـ«الاتفاقية» على أنها ورقة حماية لها. ووفق السفير الروسي في طهران، فإن الاتفاقية من شأنها أن «تؤطر العلاقات الثنائية لعشرين عاماً»؛ ما يعني أن طهران ستكون قادرة على التعويل على الدعم الروسي العسكري، إضافة لما تعتبره دعماً سياسياً واقتصادياً بدأت الحصول عليه من خلال انضمامها إلى مجموعة «البريكس» العام الماضي. لكن القراءة الموضوعية يتعين أن تدفعها إلى الاستفادة من «التجربة السورية» حيث كان الطيران الإسرائيلي يستهدف المواقع الإيرانية في سوريا لسنوات من غير أن تحرك القوات الروسية ساكناً.
ويعود ذلك لاتفاق روسي – إسرائيلي يقوم على امتناع إسرائيل عن استهداف المواقع الروسية مقابل ترك الطيران الإسرائيلي حراً في استهداف المواقع الإيرانية. وكانت المحصلة النهائية لتطورات الوضع السوري أن روسيا وإيران كانتا الخاسرتين الكبريين من سقوط نظام الأسد، في حين أن إسرائيل وتركيا الرابحتان الكبريان. وإذا كان الباحث الفرنسي يستبعد تعاون الطرفين في ملف «النووي» العسكري الإيراني، فإنه يرى أنهما، بالمقابل، سيتعاونان في المجالات الصاروخية والجوية والفضائية.
وفي تقرير أعده مؤخراً لصالح المعهد الفرنسي للأبحاث الدولية، أشار الباحث كليمان تيرم، إلى أن إيران وروسيا «رغم أنهما تتعاونان في العديد من المجالات الاستراتيجية، فإنهما لا تسعيان للأهداف نفسها؛ فإيران تريد أن تفرض نفسها قوة إقليمية لا يمكن التغاضي عنها، في حين أن روسيا تسعى إلى أن تكون لاعباً شاملاً وقادراً على الإضرار بالنفوذ الأميركي في إطار الحرب في أوكرانيا». ويضيف الباحث أنها «ترى في إيران، بشكل خاص، وسيلة لتحدي الغرب، رغم أنها تسعى في الوقت عينه إلى لجم نزوعها إلى المواجهات».
مخاوف إيران من عودة ترمب إلى البيت الأبيض تدفعها لتعزيز التقارب مع روسيا (أ.ب)
قنبلة ترمب والـ«سناب باك»
حقيقة الأمر أن موسكو وطهران بحاجة لبعضهما. لكن الواضح أن عودة ترمب تقلق إيران أكثر مما تقلق روسيا، خصوصاً أن من اختارهم ترمب من وزراء ومستشارين تغلب عليهم صفة العداء لإيران.
بالمقابل، تأمل روسيا تغيراً جدياً في السياسة الأميركية تجاهها ولصالحها. من هنا، يمكن أن نفهم الحوار المفاجئ الذي بدأ بين إيران والدول الغربية الثلاث: فرنسا وبريطانيا وألمانيا، حول برنامجها، والذي يرى فيه محللون غربيون وسيلة لتفكيك مسبق لـ«القنبلة» التي قد يأتي بها ترمب، واستباقاً لما قد يقرره من إجراءات. وبالتوازي، فإن لإيران هدفاً آخر، وهو منع إعادة ملفها النووي إلى مجلس الأمن، وتخوفها من تفعيل آلية «سناب باك» التي تعني إعادة فرض العقوبات الدولية عليها.
يعتبر خبراء غربيون أن «الشرق الأوسط الجديد» الذي تحدث عنه نتنياهو جاء بشكل رئيس على حساب طهران التي وصفها الرئيس ماكرون بـ«التحدي الأمني الاستراتيجي» للغرب. كذلك، فإن حديث ترمب وفريقه عن «تحقيق السلام عبر القوة»، يمكن أن ترى فيه طهران تهديداً مباشراً لها.
وحتى اليوم، لم تظهر أي نتيجة للاجتماعين اللذين حصلا في جنيف بين طهران والأوروبيين. السبب الأول في ذلك أن الجميع يترقب ما سيأتي به ترمب وفريقه للبناء عليه. وفي ظل انعدام اليقين، فإن «الاتفاقية» الأخيرة يمكن أن تعزز أوراق إيران بانتظار ما سيأتي به القادم من الأيام.

“);
googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); });
}

شاركها.
© 2025 جلوب تايم لاين. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version