في خضم استمرار التعنت الإثيوبي ومحاولته فرض الأمر الواقع، دعت مصر إثيوبيا إلى إجراء دراسات تفصيلية حول آثار سد النهضة الذي تقام على رافد رئيسي لنهر النيل، مشددة على أن إجراءات أديس أبابا تكرس التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة. وتحذر مصر من أنها تعاني من عجز مائي يصل إلى 55%، وتتصدر قائمة الدول الأكثر جفافًا في العالم، حيث تعتمد بنسبة 98% على مياه نهر النيل لتوفير الأمن الغذائي، وتطالب بإجراء دراسات تفصيلية عن آثار بناء السد على الدول المنخرطة فيه.
من جهته، يرى وزير الموارد المائية والري المصري الأسبق، الدكتور محمد نصر الدين علام، أن القانون الدولي يلزم إثيوبيا بتقديم دراسات تفصيلية للدول المعنية بشأن سد النهضة. ويشير إلى أهمية هذه الدراسات في تقييم الآثار البيئية والاقتصادية والاجتماعية للسد على الدول المجاورة، مشيرًا إلى أن إثيوبيا لم تقدم سوى دراسة واحدة تم رفضها في عام 2013. وتؤكد مصر على أن أي تأثير سلبي سيحدث عليها سيدفع ثمنه الجانب الإثيوبي في يوم من الأيام.
تركز السياسة المصرية في التعامل مع قضية سد النهضة على استمرار مخاطبة الرأي العام العالمي لتأكيد حقوق القاهرة المائية، وإبراز التعنت الإثيوبي وتأثيره على الأمن والسلم في المنطقة. وتعتبر مصر ضرورة التوصل لاتفاق ملزم بشأن السد وربط ذلك بملفات أخرى متقاطعة، بما في ذلك تأثيره على استقرار منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي. وفشلت آخر جولة من المفاوضات بشأن السد في ديسمبر الماضي، بينما أعلنت إثيوبيا عن انتهاء 95% من إنشاءات السد.
يشدد الدكتور أيمن عبد الوهاب، نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في مصر، على أن الحديث عن تعويضات ليس بالتعويضات بحد ذاتها، وإنما يجب على إثيوبيا تحمل مسؤولية أي تأثير سلبي قد يحدث، خاصة فيما يتعلق بأمان السد. ويرى أن التعامل مع هذه القضية يعتمد على مستويات متعددة من خلال التأكيد على حقوق مصر المائية وضرورة التوصل لاتفاق شامل بشأن السد وربطه بقضايا أخرى.
في ذلك الوقت، تستعد إثيوبيا للملء الخامس لسد النهضة، الذي يتوقع أن يحدث خلال فترة الفيضان وحتى سبتمبر المقبل. ويذكر أن المفاوضات بشأن السد تعثرت في السنوات الأخيرة، مما يجعل التصعيد واردًا بين الدول الثلاث المعنية بالخلاف. وتحاول مصر وأثيوبيا الوصول إلى حل يرضي الجانبين ويحفظ مصالح كل منهما، لكن من غير الواضح ما إذا كان بالإمكان التوصل إلى حل قبل حدوث أي تأثير كارثي على المنطقة.