يشير هذا المضمون إلى تحدي تواجهه العمارة والحضرية بسبب تطور وسائل الإعلام وتأثيرها على البيئة المبنية. كانت العمارة في الماضي تعبيرًا عن الهوية الإنسانية، ولكن مع تطور التكنولوجيا، تتلاشى العمارة تحت وابل من الصمامات وتتحول إلى عالم البكسلات. تمثل هذا التحول بوضوح في مدينة لاس فيغاس حيث تم استبدال العمارة بإعلانات تجارية ضخمة مثل مبنى “Sphere” الذي يعتبر ساحة فنية بدون هيكل تقريبًا. بالإضافة إلى ذلك، تحللت بعض المباني الثلاثية الأبعاد لتصبح مساحات ثنائية الأبعاد تعتمد على التكنولوجيا الرقمية.
ترجع هذه الظاهرة إلى تزايد استخدام وسائل الإعلام والتكنولوجيا الرقمية التي ترتبط بالتجارة والترويج، مما يثير تساؤلات حول تأثيرها على البيئة الحضرية. يوجد الآن العديد من اللوحات الإعلانية ذات المؤثرات البصرية المدهشة في المدن، مثل نيويورك ولندن وسيول، والتي تهدف إلى خلق تجارب غامرة للجمهور. يعزو بعض المصممين والفنانين هذا التحول إلى تأثير الإعلانات الضخمة والأحداث الاستعراضية على هيكلية المدينة وقدرتها على إبهار الناس.
تحذر الدراسة من تداخل العمارة مع وسائل الإعلام وتأثيرها على البيئة الحضرية، حيث يقترح بعض المصممين إبداع مدينة متكاملة تعتمد على شاشات ضخمة وعروض مميزة، وهذا النهج قد تم تطبيقه في مبنى المركز البومبيدو في باريس، وكذلك في مناطق أخرى. تشير الدراسة إلى إمكانية انتشار هذه النهج في العالم المعاصر وتحذر من ضرورة الحفاظ على التوازن بين العمارة التقليدية واستخدام وسائل الإعلام الحديثة لضمان بقاء الهوية الحضرية الأصيلة.
ويعتبر الكازينو والمنتزهات الترفيهية والمجمعات التجارية والعروض الاستعراضية الضخمة النماذج الأولية لهذه الأماكن المنظمة الجديدة والتي تقتحم الآن المركز الحضري. يبدو أن الاتجاه الحالي في العمارة يميل نحو الاستخدام المكثف لوسائل الإعلام والتكنولوجيا الرقمية المميزة بالإضافة إلى النقص التدريجي في الهوية الحضرية الأصيلة. وتشير الدراسة إلى أهمية الاحتفاظ بطابع المدينة وتعددية هويتها لحماية البيئة الحضرية من تأثيرات التكنولوجيا ومواجهة السيطرة الإعلانية.
وأخيرًا، تشير الدراسة إلى أن استخدام وسائل الإعلام والتكنولوجيا الحديثة في العمارة يثير تساؤلات حول ثقافة الاستهلاك والترويج وتأثيرها على علاقة الإنسان بالمكان والهوية الحضرية. يجب علينا التفكير بجدية في كيفية الحفاظ على التوازن بين التكنولوجيا والثقافة والبيئة الحضرية من أجل الحفاظ على الهوية الأصيلة للمدن والمجتمعات وتجنب الاستحواذ الكامل للوسائل الإعلامية على المناطق الحضرية.
