Smiley face
حالة الطقس      أسواق عالمية

تواجه الثقافة العربية أزمة واضحة منذ عقود، وقد تفاقمت هذه الأزمة بانحسار دور المثقفين خلال وبعد الربيع العربي. تحدث عالم السياسة الفرنسي جان بير فيليو عن الطابع اللارأسي للثورات العربية، مشيراً إلى أسباب اندحار دور الزعامات والأيديولوجيا. هذا الانحسار يعتبر عائقاً أمام تحقيق الانتقال الديمقراطي بدون تحقيق الانتقال الثقافي الضروري. يتوجب على المثقفين تجاوز نرجسياتهم وبناء مؤسسات جديدة تدعم القيم الديمقراطية وتقطع الطريق على التشدد الثقافي.

على المثقفين العرب تجاوز الانعزالية والبشكوى والتعاون في مؤسسات مستقلة تعزز الديمقراطية وتقاوم السلطوية الثقافية. ينبغي استغلال الثورة التقنية لبناء فضاء عام مستقل يناقش وينتقد السلطة. بالإضافة إلى تحدي السلطة السياسية لدعم الانتقال الثقافي واتباع سياسات تعزز الإبداع والتعليم. يجب تحديد الثقافة العربية عن الأيديولوجيات القومية التي تقوض تعددية الثقافة وتجعلها غير قادرة على الارتباط بالحاضر والمستقبل.

ينبغي تطوير الثقافة العربية من خلال الحوار الثنائي المحلي والعالمي والتوجه نحو اللغات المحلية لتحقيق التجدد والتقدم. الاهتمام بالتراث والتقاليد يجب أن يكون في إطار الانفتاح على الحضارات الأخرى وتبادل الخبرات. يجب أن تعيش الثقافة العربية تقاليدها وتعبر عنها في زمانها دون الالتصاق بالأيديولوجيات الفكرية المحددة.

الدين والدولة لهما أبعاد مختلفة ولا يمكن الجمع بينهما دون التمييز بين التقاليد والتقليدانية. يجب فصل الدين عن الدولة وتحرير الثقافة الدينية من تأثيرات السلطات السياسية. يتوجب بناء ثقافة عربية في حوار مع العالم ودون تأثر بالأيديولوجيات المتطرفة أو الاستكبار الفكري.

بالنهاية، يتوجب على المثقفين العرب تحمل مسؤوليتهم والمشاركة الفعالة في بناء ثقافة عربية تعكس التعددية والتقدم والتجدد. يجب تجاوز الانغماس في الماضي والتركيز على التحديث والابتكار بما يعزز الانفتاح على العالم ويسهم في تقدم المجتمع العربي. نحن بحاجة إلى تحقيق التحول الثقافي لبناء مستقبل أفضل للثقافة العربية في القرن الواحد والعشرين.

شاركها.
© 2025 جلوب تايم لاين. جميع الحقوق محفوظة.