منذ انطلاقه الأول، اضطلع المسرح الجزائري بدور تقديم الرسالة الثقافية والترويج للهوية الجزائرية، واستمر في الصمود رغم التحديات التي واجهها. يرجع الباحثون بدايات المسرح الجزائري إلى النصف الأول من القرن الـ19، مع ظهور مسرح الظل والعرائس ومسرح الحلقة الذي نشطه “المداح” في الأسواق والساحات العامة. انطلق المسرح الجزائري فعليا في عام 1911، من خلال مبادرات للدفاع عن الهوية الجزائرية الثقافية، وتعبير عنها من خلال المسرحيات التي نالت إعجاب الجمهور.
بعد استقلال الجزائر في عام 1962، تأسس المسرح الوطني الجزائري، وتم اختيار بناية ساحة بورسعيد ليكون مقرا له. يعد الفنان الراحل محيي الدين باشطارزي مؤسس المسرح الوطني الجزائري وأول من أحدث تقدما في هذا المجال. افتتحت المسرحية الأولى بمسرح الوطني الجزائري في عام 1963 وتبعتها العديد من الإنتاجات التي أثرت تراث المؤسسة الثقافية هذه، وتستمر حتى اليوم. تم في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي استرجاع العديد من مباني المسارح وإعادة تأهيلها لتخصيصها للفنانين والمواطنين.
يواجه المسرح الجزائري اليوم العديد من التحديات، منها تأثير العولمة على بعض النشاطات المسرحية وفقدانها لروحها الأصلية، وضرورة بقاء المسرح مرتبطا بالمجتمع الجزائري. يتابع المسرح الوطني الجزائري تنظيم التظاهرات المسرحية وورش العمل بالتعاون مع مؤسسات التكوين الفني للحفاظ على رسالته الثقافية وترويج الهوية الجزائرية. بالرغم من التطور الملحوظ في مسيرة المسرح الجزائري، إلا أن هناك عوامل عديدة تسببت في تراجع مكانته خلال السنوات الأخيرة.
يعتقد الممثل والباحث عبد الحميد رابية أن المسرح الجزائري يعاني من تراجع مقارنة بالماضي، حيث لم تعد المسارح تحقق النجاح السابق نظرا لتغير توجهات الشباب وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي. يفتقر المسرح أيضا إلى الترويج الجيد لجذب المهتمين، بالإضافة إلى مشاغل الحياة اليومية التي تشتت انتباه الجمهور. تبقى مهمة المسرح الجزائري اليوم هي المحافظة على تراثه الثقافي وترويج هوية الجزائرية من خلال تنظيم العروض المسرحية وورش العمل والحفاظ على رسالته الثقافية.