“ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا”، عبارة مأثورة يرددها المسلمون في الدعاء، استمدوا هذا الدعاء من الآية الكريمة في سورة الأعراف، التي تحكي قصة سيدنا موسى عليه السلام عندما اختار سبعين رجلاً من قومه لميقات الله، وعندما جاءوا للقاء الله، طلبوا من موسى رؤية الله جهرة بأعينهم. ولكن عندما تم اهتزاز الأرض بشدة، ذهبوا جميعاً وماتوا، فتضرع موسى لله بأن لا يعذب القوم بسبب أحلام بعض السفهاء وأن تكون الفتنة اختباراً للقوم.
سبب نزول هذه الآية كان تضرع موسى لله بأن يرفع عن قومه العذاب، ويدعو لهم بالمغفرة والرحمة، بعدما اعترف بأن عبادة العجل كانت اختبارًا لهم وابتلاءً من الله، ليبين من المؤمن والمجحف. وبالتالي، يتضح أن موسى في دعائه لم يرد العقاب على القوم بسبب أفعال السفهاء فحسب، بل بناء على الاختبار الذي جاء به من الله ليتبين الأواب من المعتدي.
سورة الأعراف تعتبر سورة مكية، وتحتوي على 260 آية، تحدثت فيها القصة التي استمد منها المسلمون الدعاء الشهير “ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا”. يتضح من معنى الآية أن الاختبارات تكون وسيلة لله ليبين المؤمن من الجاهل، حيث يحتاج المؤمن للثبات على الحق والايمان بالله في الاختبارات، بينما يرسب الجاهل فيها ويكفر بالله.
سورة الأعراف نزلت في السنة العاشرة من بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتحدثت عن عدة مواضيع، منها دعم الرسول في مواجهة تكذيب الكافرين، والحديث عن توحيد الله وخلق الإنسان. موسى في قصته أظهر عظمته في تضرعه ودعائه لله بأن يرفع العذاب عن قومه، وبأن تكون الفتنة اختباراً من الله لهم، ليتبين المؤمن من الجاهل.
لذا، يجب علينا أن نستلهم من هذه القصة العظيمة الثبات على الحق والتضرع لله في الأوقات الصعبة، وأن ندعو لنفسنا وللمؤمنين بالمغفرة والرحمة، وأن نتجنب الانجرار وراء أفكار السفهاء التي تضلنا، لنتمكن من الاجتياز الاختبارات التي يضعها الله أمامنا ليبين منا المؤمنين الصادقين.
“ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا”، عبارة تحمل في طياتها الدعاء والتضرع لله ليبين له منا الرحمة والمغفرة، وتحمل في تاريخها قصة مؤثرة لسيدنا موسى عليه السلام في استنجاده بربه في وقت الشدة، ليدرك أهمية الثقة والايمان بالله والاستعانة به في كل الأوقات.