أصيبت المصارف المركزية بصدمات كبيرة جراء أزمة التضخم الكبيرة التي حلت بالاقتصاد العالمي بين عامي 2021 و2022. وقد فشلت نماذجهم في التقاط ما يسمى بالانكسارات الهيكلية في الوقت الفعلي، مما أدى إلى فقدان الثقة من قبل مسؤولي المصارف المركزية. لذلك، يجب على المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا عدم الانتظار طويلاً قبل تيسير السياسة النقدية، خاصة وأن هناك مؤشرات على عودة أسعار المستهلكين والأجور إلى طبيعتها.
بإبقاء الفائدة مرتفعة جداً لفترة طويلة، يمكن أن يعرض محافظو البنوك المركزية التعافي الاقتصادي للخطر. والخطر الأكبر هو أنه بحلول الوقت الذي يكون فيه التضخم قد عاد إلى مستويات أكثر قبولاً، سيكون سوق العمل قد أصابه الضعف بشكل أكبر. بالإضافة إلى ذلك، هناك أسباب تدعو إلى الثقة في استمرار عودة التضخم المحلي إلى طبيعته، مع انخفاض هوامش أرباح الشركات واستيعاب جزء كبير من زيادات الأجور.
تأتي هذه التحذيرات في ظل تباطؤ نمو الأجور في منطقة اليورو وضعف سوق العمل في المملكة المتحدة، في حين تشهد عمليات إعادة ضبط الأسعار انخفاضاً في الضغوط التضخمية المستقبلية. وفي هذا السياق، يجب على المصارف المركزية أن تعتمد نهجاً جريئاً وثقافة من الثقة في مؤشراتهم الاستشرافية لتجنب الوقوع في خطأ جديد بالسياسات.
تظهر بيانات عالية التواتر للأجور واستطلاعات الأعمال إشارات مشجعة للحفاظ على توازن الأسعار. وعلى الرغم من تباطؤ نمو الأجور خارج ألمانيا، إلا أن البيانات تشير إلى استمرار الاعتدال في التفاوض على الأجور في المستقبل. وبإعادة الثقة في مؤشرات السوق ودعم التعافي، يمكن أن يكون ذلك داعماً للتوقعات بشأن الأسهم الأوروبية في النصف الثاني من العام.
في الختام، يجب أن تتبع المصارف المركزية نهجاً حذراً وجريئاً في تنفيذ السياسات النقدية، وعدم الانتظار طويلاً قبل اتخاذ الإجراءات المناسبة. ومن المهم أيضاً استباق الأمور واعتماد نهج واضح لتجنب الفواجع الاقتصادية المحتملة. باستعادة الثقة في الأسواق واستعدادها للتعافي، يمكن أن تحقق المصارف المركزية نتائج إيجابية في الأوضاع الاقتصادية الراهنة.