كان أحد حفاري الآبار يعمل في حفر بئر في القرية، وكان دوره الرئيسي هو نقر الصفا الأزرق بالعتل وتنظيف النقر ووضع البارود وتدكيه وتبل الفتيل والقدح والتفجير. كان يتميز بمهارته في عمله ولكنه كان بطيئا بطبعه بسبب عدم الاستعجال في العمل. كانت طبيعة عمله تحتاج إلى دقة وتأني في الأداء، وكانت عملياته مؤمنة ولذلك لم يكن يستعجل في العمل.
في إطار حديثه مع والده حول الأمور العامة والسياسية، والتي كانت تثير اهتمام الأب ولا تستحق النقاش برأيه، وكان يتمنى أن ينتهي من عمله بسرعة ليتمكن من العودة للاستماع لأخبار لندن التي كان يهتم بها. كانت تلك الفترة تشهد تداول تعليقات يونس بحري حول الحرب العالمية والتي كان يبثها إذاعة برلين.
تم التأكيد على أن الشخص الذي يشغل نفسه بالهموم العامة بدون تحقيق أي إنجاز يعتبر متهورا وضالا بعيدا عن الواقع. وكان من الضروري أن يكون الانغماس في مسؤوليات لا تخصه يقلل من دوره ويضعف فاعليته في الأمور التي تخصه. ولم يكن من الصواب توجيه الاتهامات وتبني وجهات نظر متأزمة في قضايا تفهمها المختصون بشكل أفضل.
كان هناك تصور خاطئ لدى بعض الأشخاص بأنهم مؤهلون للحديث عن الشأن العام دون أن يكونوا على دراية كافية بالأمور الخفية والتفاصيل. وكان من الأهمية أن تكون المساهمات الشخصية مدروسة ومؤثرة بدلا من أفكار عشوائية قد تضر بالمشهد العام. وكان ينبغي التأكيد على أن القيادات السابقة والحالية لها دور في ترسيخ الإنجازات التي يستفيد منها المجتمع ولا يجب نسيانها.
كانت الوقار والاحترام واجبات شخصية يجب أن تكون جزءا من سلوكنا ووعينا في التعامل مع الآخرين. وكان من الضروري تجنب التجاوزات والنقد السلبي الذي قد يؤدي إلى فرقة بين الناس وتأثير سلبي على اللحمة الاجتماعية. وبزيادة الوعي اليوم بأمور البلاد، يجب أن نكون حذرين بتأثيرنا والتأثير الذي قد نتعرض له.
وأخيرا، يجب علينا أن نكون مسؤولين ونحاسب أنفسنا قبل غيرنا وندرك أن أي تصرفات قد تكون لها تبعات مترتبة عليها. ويجب علينا أن نحترم دور القوانين والتشريعات وعدم التجاوز على سلطة الحكام وتقدير الحدود التي يجب أن نلتزم بها في تعاملنا مع الشؤون العامة.
