بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، بدأت الإمبراطورية البريطانية تشهد تدهورًا في هيبتها، وظهر تغيير كبير في الوضع السياسي العالمي، حيث اندلعت حرب في دولة مالايا الصغيرة بجنوب شرق آسيا، وكادت تصبح مشابهة لكوريا الشمالية في حال نجاح الثورة الشيوعية، ولكن هذه الحرب أخفت ضمن قائمة الحروب القذرة التي شنتها بريطانيا، واستمرت حالة الطوارئ لمدة 12 عامًا، وشهدت سقوط 1500 جندي من قوات الكومنولث وأكثر من 10 آلاف شخص من القوات الشيوعية والمدنيين.
كانت مالايا تحت الاحتلال البريطاني وكانت تشهد ثورة شيوعية في قلب الأدغال الحارة، ولم تكن القوات البريطانية مستعدة لتلك الظروف الصعبة، وحاولت الحكومة البريطانية تقليل أهمية الحرب وتصويرها بأنها مجرد مناوشات محلية، ولكن الواقع كان أصعب بكثير، حيث كانت الحرب جزءًا من سياسة بريطانية للحفاظ على إمبراطوريتها التي كانت على وشك الانهيار.
استفاد الشيوعيون كثيرًا من طبيعة المكان في الأدغال، بينما تعرضت القوات البريطانية للصعوبات في التعامل مع البيئة الصعبة، وركزت الجهود على تقليل تأثير الثورة الشيوعية، وأصبحت حالة الطوارئ تستخدم كذريعة لارتكاب جرائم حرب وتجاوزات خطيرة ضد المدنيين.
انتهت الحالة الطوارئ بانتهاء الحرب وإعلان استقلال ماليزيا عن الاستعمار البريطاني، ولكن لم تُنسى مذابح وانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت خلال تلك الفترة، وتم تحقيق الاستقلال بجهود الجنرال “تمبلر”، الذي نجح في كسب قلوب السكان المحليين وإعادة الاستقرار إلى المنطقة، ورغم التقدم الاقتصادي في ماليزيا اليوم، إلا أنه لا يمكن نسيان الصراعات التي شهدتها في الماضي.















